يدخل على الفعل المضارع المبهم في الزمانين ما يقصره على أحدهما ويخلصه له كقولك:
" زيد سيقوم " و " سوف يقوم " كما أنك إذا أدخلت على الواحد المبهم في جنسه من الأسماء الألف واللام قصراه على واحد بعينه واشتبها بوقوعهما أولا مبهمين وتعينهما بحروف تبينهما.
ووجه ثان من المضارعة: وهو أن الفعل المضارع إذا وقع خبرا صلح دخول اللام عليه كقولك " إن زيدا ليذهب " كما صلح دخول اللام على الاسم إذا قلت: " إن زيدا لذاهب ". فإذا كان الخبر فعلا ماضيا امتنع ذلك فيه، لا تقول " إن زيدا لذهب " فلما اشترك الاسم والفعل المضارع في دخول اللام في هذا الموضع وامتنع دخولها على غيره من الأفعال، علمنا أن بين الفعل المضارع والاسم ملابسة غير موجودة لسائر الأفعال.
ووجه ثالث: وهو أن الفعل توصف به النكرات كقولك: " مررت برجل يقوم " ويكون خبرا كقولك: " إن زيدا يقوم " و " كان زيد ينطلق " كما يكون ذلك في الاسم إذا قلت: " مررت برجل قائم " " كان زيد منطلقا " فلما وقع موقعه صار مثله في هذا الوجه.
فاجتمع للفعل المضارع مشابهة الاسم من هذه الوجوه التي ذكرناها دون غيره من الأفعال ففضل على سائر الأفعال، بأن أعرب، لما بان به من هذه المشاركة للاسم واختص به دون نظائره.
هذه ثلاثة أوجه من المضارعة، وبقى وجهان: المساواة في العدة والرتبة، وأن ألف الوصل لا تدخل على المضارع كما دخلت على الماضي والأمر.
فإن قال قائل: كيف صار الفعل أولى بالإعراب لمشاركة الأسماء المعربة دون أن تبنى الأسماء التي حقها أن تعرب لمشاركة الأفعال المبنية؟ فإن الجواب في ذلك: أن الأفعال إنما شاركت الأسماء في معان هي للأسماء دونها؛ لأن الأصل في الصفات والأخبار إذا قلت: " مررت برجل يقوم " و " إن زيدا لا يقوم "، هو الاسم، والأفعال داخلة عليه، فلما شابهت الأفعال الأسماء فيما للأسماء دونها، أعطيت ما للأسماء ولم تعط الأسماء ما للأفعال.
ووجه آخر: وهو أنا لو بنينا الأسماء على السكون، لمضارعة الأفعال بطل الإعراب الذي يضطرنا إليه الفصل بين المعاني في الأسماء.
فإن قال قائل: فإذا أعطيتم الأفعال الإعراب لمضارعتها الأسماء، فلم أعربتموها في المواضع التي لا تقع الأسماء فيها، إذا قلتم: " لن يقوم " " ولم يذهب "، وغير ذلك من