أراد: كأنّ أصوات أواخر الميس، ومنها قول درنا بنت عبعبة، من بني قيس بن ثعلبة:
هما أخوا في الحرب من لا أخا له
… إذا خاف يوما نبوة فدعاهما (1)
فأضاف " أخوا " إلى " من "، وفرق بينهما بفي.
ومما يشبه قول الأعشى: " إلا علالة أو بداهة قارح " قول الفرزدق:
يا من رأى عارضا أكففه
… بين ذراعي وجبهة الأسد (2)
فأضاف " ذراعي " إلى " الأسد " وأقحم " الجبهة "، وفيه التفسير الثاني الذي ذكرناه، كأنه قال: بين ذراعي الأسد وجبهته، ويروى:
يا من رأى عارضا أرقت له
قال: " أما قوله عز وجل: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ * (3) فإنما جاز لأنه ليس ل " ما " معنى سوى ما كان قبل أن تجيء إلا التوكيد، فمن ثمّ جاز ذلك إذ لم ترد بها أكثر من هذا، وكانا حرفين، أحدهما في الآخر عامل، ولو كان اسما أو ظرفا أو فعلا لم يجز ".
يعني أنه إنما جاز الفصل بين الباء وبين " نقضهم " " بما " لأن " ما " لا تغيّر الكلام، ولا تزيد فيه معنى لم يكن من قبل دخولها إلا التوكيد، فلما كانت كذلك كان دخولها كخروجها، ولو كان الفصل بين الجار والمجرور باسم أو ظرف أو فعل، لم يجز على الشرائط التي تقدمت، وقد اختلف النحويون فيما إذا كانت زائدة، فبعضهم يجعلها اسما، وبعضهم يجعلها حرفا، وكلا القولين محتمل، لأنا قد رأينا الأسماء والحروف قد تجيء مزيدة، فأما الاسم فقولك: " كان زيد هو العاقل "، وأما الحرف فقولك: " لمّا أن قام زيد " لأن المعنى فيهما كان زيد العاقل، ولما قام زيد.
وقوله: " كانا حرفين أحدهما في الآخر عامل ".
يعني بالحرفين الباء و " نقضهم " ولم يدخل بينهما شيء يعتد به.
قال: وأما قوله: " أدخل فوه الحجر " فهذا جرى على سعة الكلام والجيد أدخل