وقال أبو حنيفة: يلزمه قيمة ما أكل، وهذا غلقالأنه صيد ضمنه بالقتل، فلا يضمنه بالأكل كصيد الحرم أو يقيس على ما لو جاء محرم أخر وأكله لا جزاء، وكذلك لو شوى بيضة وأكلها لا يلزمه بالأكل شيء، ولأن عنده ذبيحة الحرم ميتة، فكيف يلزم الضمان بإتلاف الميتة؟.
فرع آخر
إذا حلّ من إحرامه لا يحل له أكله أيضًا قولًا واحدًا. ومن أصحابنا من ذكر وجهًا آخر أنه يحل له أكله على القول الأول.
فرع آخر
لو قتل الحلال صيدًا في الحرم، فيه طريقان: إحداهما: فيه قولان.
والثاني: يصير ميتة قولا واحدًا، والغرق أن صيد الحرم ممنوع على سائر الناس، فصار كالحيوان الذي لا يؤكل بخلاف صيد الحل فإنه حلال لقوم دون قوم، وقيل: أن الشافعي نص في "الإملاء" على هذا الفرق، وهو ضعيف، لأن هذا الصيد في حق المحرم كصيد الحرم في حق الكافر وكما يزول هذا التحريم عند التحلل يزول تحريم ذاك عند مفارقة الحرم.
مسألة: قال: لو دل على صيد كان مسيئًا ولا جزاء عليه.
الفصل
عندنا الصيد لا يضمن بالدلالة، إنما يضمن بالجناية، أو اليد فإذا دلّ المحرم محرمًا على صيد في الحلّ فقتله وجب الجزاء على القاتل دون الدال، وكذلك لو دلّ الحلال محرمًا، فقتله، ولو دل المحرم حلالًا على 213/ أ صيد، فقتله لا جزاء على واحدًا منهما، وهو مسيء في ذلك، لأن عقد الإحرام أوجب عليه احترام الصيد فإذا دلّ عليه ناقض أصل موضوعه.
وبه قال مالك وأبو ثور. وروي ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما. وقال مجاهد وعطاء وحماد: أن دلّ محرم محرمًا يلزم الجزاء عليهما، نصفين، وإن دلّ محلّ محرمًا وجب تمام الجزاء على المدلول، وإن دلّ محرم حلالًا وجب تمام على الدّال.
وقال أبو حنيفة والثوري: يلزم على كل واحٍد منهما جزاء كامل إذا كانا محرمين وإن دل محرم حلالًا وجب الجزاء على الدال وحده، وإن دلّ محلّ محرمًا وجب الجزاء على المحرم دون الدال. واحتج الشافعي عليهم بقوله: "كما لو أمر بقتل مسلم لم يقتص منه، كان مسيئًا"، كذلك ههنا وتحريره أن ما ضمن بالجناية، لا يضمن بالدلالة كالآدمي وصيد الحرم.