وقال أبو حنيفة ومالك: لا يسن تقليدها، وهذا غلط لما روي عن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدى محنهما مقلدة". وقال جابر: "كان في هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنم مقلدة"، ولأن التقليد سن في الإبل حتى أن ضلت تعرف بذلك. وهذا في الغنم أولى، لأنها أقرب إلى النفور من الإبل، لأن الإبل تقاد بأزمتها، والغنم مجللة، ثم قال: وإن ترك التقليد والإشعار أجزأه لأنها هيئة مسنونة شرع لتمييز الهدي من غيره.
فرع
لا تأثير للتقليد في الإحرام، فإذا قلد الهدي لم يصر محرماً حتى ينوي الحج أو العمرة. وبه قال عطاء، وروي عن ابن عباس أيضًا. وقال الثوري وأحمد وإسحاق: إذا أراد الحج وقلد فقد وجب عليه، وهذا غلط، لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهدي وأنا فتلت قلائدها بيدي من عهن كان عنانا ثم أصبح فينا حلالاً يأتي ما يأتي الرجل من أهله"، ولأن هذا تجرد عن نية الإحرام، فلا يصير محرماً، كما لو اغتسل ولبس إزاراً أو رداء.
مَسْأَلٌة: قال: ويجوز أن يشترك لسبعة في البدنة الواحدة.
الفضل
يجوز أن يشترك السبعة في البدنة الواحدة والبقرة الواحدة سواء أرادوا قوبة واحدة أو قرباً مختلفة، أو أراد بعضهم الفدية، وبعضهم اللحم وسواء كانوا متطوعين أو مؤدين للواجب.
وقال مالك: إن كانوا متطوعين 243/أ يجوز الاشتراك فيهما أن كانوا من بيتٍ واحدٍ، وإن كانوا من بيوت متفرقة لم يجز، وإن كانوا مؤدين للواجب لا يصحّ منهم الاشتراك. وقال أبو حنيفة: إن كانوا متفرقين يصحّ الاشتراك اتفقت جهة قربهم أو اختلفت متطوعين أو مؤدين واجباً، وإن كان بعضهم يريد اللحم لا يصح الاشتراك، وهذا غلط لما روى أبو هريرة وعائشة رضي الله عنهما: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذبح عمن اعتمر من نسائه بقرة بينهن". وكان واجباً لأنهن كن متمتعات.
وقال جابر: "كنا نتمتع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يشرك السبعة في البدنة"، ولأن كل بدنة جاز أن ينفرد الواحد بإخراجها على جهة جاز أن يشترك السبعة في إخراجها على تلك الجهة كما لو كانوا متطوعين، واحتج مالك بما روي عن ابن رضي الله عنهما، قال: ما كنت أرى دماً يقضى عن أكثر من واحد. قلنا: خبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أولى من ذلك.
واحتج أبو حنيفة بأن الدم الواحد لا يتبعض فإذا لم يكن بعضه قربة لا يكون شيء منه قربة. قلنا: إذا جاز أن تجتمع فيه القربى المختلفة جاز أن تجتمع فيه القربة وغير القربة في السبح من الغنم. وحكى أحمد وإسحاق أنهما قالا: لا يجوز اشتراك العشرة في البدنة الواحدة، ولا يجوز في البقرة إلا اشتراك السبعة، وهذا غلط، لما ذكرنا من