ثابتاً فيه مِن أعضائه ولم يأكُلُ العُضوُ الّذي بان وفيه الحياة لِأنّه عُضوَ مقطوعِ مِن حيّ وحيّ بعد قِطعةٍ ولوْ مات مِن قِطعِ الأول أكُلّهُما معا لأن ذكاة بعضُه ذكاة لكُلّه".
قال في الحاوي: وهذه المسألة تشتمل على فصلين:
أحدهما: أن يرمي صيداً، فيقطعه قطعتين، فهذا توجيه، فتؤكل القطعتان معا سواء تفاضلت القطعتان أو تماثلتا، وسواء كان ما اتصل بالرأس أكثر أو أقل. وقال أبو حنيفة: إن تساوت القطعتان أو كان ما اتصل بالرأس أكثر أكل دون الأقل، ومن أصحابه من قدر الأقل بالثلث فما دونه، وجعل ما زاد على الثلث ونقص عن النصف خارجاً عن حكم الأقل.
واستدلوا على تحريم الأكل إذا انفصل عن الرأس برواية عبا الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أبين من حي فهو ميت"؛ ولأنه أبان منه ما لا يمنع من بقاء الحياة فيما بقي، فوجب أن يكون محرماً كما لو أدركه حياً فذبحه.
ودليلنا ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأبي ثعلبة الخشني: "كل ما ردت عليك يدك فكل ". ولم يفرق، ولان كلما كان له ذكاة لبعض البدن كان ذكاة لجميعه قياساً على ما اتصل بالرأس، ولأن كلما كان ذكاة لما اتصل بالرأس كان ذكاة لما انفصل عنه كالأكثر.
فأما الجواب عن خبرهم فمن وجهين:
أحدهما: أنه خارج على سبب، وهو ما روي أنه ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن قوماً يحبون ألايا الغنم، فيقطعونها منها، فقال: "ما أبين من حي فهو ميت" فكان محمولاً على سببه من حياة المقطوع منه.
والثاني: أن أبا داود السجستاني قد روى نصاً في سنته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أبين من بهيمة وهي حية، فهو ميت".
وأما الجواب عن قياسهم، وهو أن المعنى في الأصل أن القطع لم يكن ذكاة للمتصل، فلم يكن ذكاة للمنفصل، والقطع في الفرع قد كان ذكاة للمتصل، فكان ذكاة للمنفصل.
فصل:
الفصل الثاني: أن يقطع من الصيد عضواً كَيَد أو رِجل أو أُذُن، ويجوز أن يحيى بعد قطعه زماناً طويلاً أو قصيراً، وهذا على ضربين:
أحدهما: أن يموت بغير هذا القطع إما بالذبح إن قدر عليه، وإما برمية بائنة إن كان