غير مقدور عليه، فلا يؤكل ما بان منه بالقطع الأول؛ لأنه لم يكن ذكاة له، فلم تصر ذكاة لما بان منه، وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهى عن الخطفة" وهو ما اقتطعه كلب أو سيف أو سبع من الصيد، فبات منه. هذا تأويل ابن قتيبة، وتأوله أبو جعفر الطبري أن الخطفة النهبة، ومنه سمي الخطاف خطافاً لاختطافه.
والثاني: أن يموت بهذا القطع دون غيره، فينظر فيه: فإن أدركه حياً، فقار على ذكاته حتى مات فلم يزكه كان الصيد مع ما بان منه ميتاً لا يؤكل؛ لأن حكم البائن معتبر بأصله، وان لم يقدر على ذكاته حتى مات أو أدرك ميتاً أكل جميعه البائن منه اعتباراً بأصله؛ لأن ذلك القطع كان هو المبيح لأكل الصيد، فصار مبيحاً لأكل البائن منه اعتباراً بأصله.
وحكى ابن أبي هريرة وجهاً أخر عن بعض أصحابنا أن البائن منه لا يؤكل، وان كان الأصل مأكولاً؛ لأنه بان منه مع بقاء الحياة فيه، وتأول كلام الشافعي أنه يؤكل على ذكاة الأصل مع بقاء الحياة إذا تعذر فيه الذبح كما يكون إذا وجأه وجب أن يكون البائن منه في إباحته في الحالين على سواء، ولا يختلفون أنه لو تعلق المتطوع بجلدة متصلة بأصله أن يكون ما ألحقنا به في إباحة أكله.
مسألة:
قالُ الشّافِعيِ رحمهُ اللهُ تعالى:" ولا بأس أن يصيد المُسلِمُ بِكلِبِ المجوسيِّ ولا يجوزُ أكُلّ ما صادُّ المجوسيِّ بِكلِبِ مُسلِمِ لأن الحُكم حُكم المُرسِلِ وإنّما الكلب أَدَاةٌ".
قال في الحاوي: وهذا صحيح.
لأن حكم الكلب حكم لمرسله، كالآلة يكون حكمها حكم الرامي دون مالكها، وسواء عليه المرسل أو غيره.
فإذا صاد مجوسي بكلب مسلم لم يحل صيده؛ لأن مرسله مجوسي، كما لو رمى مجوسي بسهم مسلم لم يحل صيده وهذا متفق عليه.
ولو صاد مسلم بكلب مجوسي حلّ صيده.
وقال الحسن البصري وسفيان الثوري: لا يحل صيده، لقول الله تعالى: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} المائدة:4 وهذا الشرط غير موجود في كلب المجوسي، وهذا فاسد من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الكلب آلة كالسلاح، وقد ثبت أن مسلماً لو صاد بسلاح مجوسي حل كذلك إذا صاد بكلبه.