مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "وأكره الأيمان على كل حال إلا فيما كان لله عز وجل طاعة ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فالاختيار أن يأتي الذي هو خير ويكفر لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك".
قال في الحاوي: اعلم أن الأيمان بالله ضربان:
أحدهما: ما كان على ماض والكلام فيه يأتي.
والثاني: ما كان على فعل مستقبل، وهو على خمسة أقسام.
أحدها: ما كان عقدها، والمقام عليها طاعة، وحلها والحنث فيها معصية، وهو أن يحلف على فعل الواجبات كقوله: والله لأصلين فرضي؟ ولأزكين مالي، ولأصومن شهر رمضان، ولأحجن البيت الحرام، فقعدها والمقام عليها طاعة، لأنها تأكيد لفعل ما فرضه الله تعالى عليه، وحلها والحنث فيها بأن لا يصلي ولا يزكي، ولا يصوم، ولا يحج معصية، لأنه ترك لمفروض، وهكذا لو حلف أن لا يفعل محظورًا محرمًا كقوله. والله لا زنيت ولا سرقت ولا قتلت ولا شربت خمرًا ولا قذفت محصنًا، كان عقدها باجتناب هذه المعاصي طاعة، وحلها بارتكاب هذه المعاصي معصية.
والثاني: ما كان عقدها والمقام عليها معصية، وحلها والحنث فيها طاعة، وهو قوله: والله لا صليت ولا زكيت ولا صمت ولا حججت، فعقدها، والمقام عليها بأن لا يصلي ولا يزكي معصية، لأنه ترك فيها مفروضًا عليه، وجلها والحنث فيها بأن يصلي ويزكي طاعة؛ لأنه فعل مفروضًا عليه.
وهكذا لو حلف على فعل المحظورات فقال: والله لأزنين ولأشربن خمرًا ولأسرفن ولأقتلن كان عقدها والمقام عليها بالزنا والسرقة وغير ذلك معصية، وحلها والحنث فيها طاعة بأن لا يزني ولا يشرب.
والثالث: ما كان عقدها والمقام عليها مستحبًا، وحلها والحنث فيها مكروهًا وهو قوله: والله لأصلين النوافل، ولأتطوعن بالصدقة، ولأصومن الأيام البيض، ولأنفقن على الأقارب، وما أشبه ذلك من الخيرات فعقدها والمقام عليها بفعل ذلك مستحب، وحلها والحنث فيها بترك ذلك مكروه.
والرابع: ما كان عقدها والمقام عليها مكروهًا وحلها والحنث فيها مستحبًا، وهو عكس ما قدمناه فيقول: والله لا صليت نافلة، ولا تطوعت بصدقة ولا صيام، ولا أنفقت على ذي قرابة، ولا عدت مريضًا، ولا شيعت جنازة فعقدها والمقام عليها مكروه، وحلها والحنث فيها بفعل ذلك مستحب، قد خلف أبو بكر أن لا يبرأ مسطح، وكان ابن خالته