أحدهما: أن يكون عيبها يخرجها من انطلاق اسم الحق عليها، لأن حقه دنانير مغربية فأعطاه دنانير مشرقية، فتكون خلاف الصفة في اليمين جاريًا مجرى خلاف الجنس، فإن علم به قبل فراقه حنث، وإن لم يعلم به إلا بعد فراقه كان حنثه على ما مضى من القولين.
والثاني: أن يكون عيبها لا يخرجها من انطلاق اسم الحق عليها؛ بأن تكون دنانير مغربية لكنها معيبة نظر، فإن كان عيبها مما يسمح به في الأغلب لقلة أرشه بر في يمينه، وإن كان ضد ذلك لكثرة أرشه حنث.
فإن قيل: نقصان القدر موجب للحنث فيما قل وكثر فهلا كان نقصان الأرض بمثابته في وقوع الحنث بما قلّ أو كثر قيل: لأن نقصان القدر مستحق يمنع من التماثل في الربا ونقصان الأرض مظنون لا يمنع من التماثل في الربا ويمنع من البر في اليمين.
فإن قيل: فهذا ينكسر بكثير الأرش لا يمنع من التماثل في الربا ويمنع من البر في اليمين، قيل: لأن الظن في كثيره أقوى، وفي قليله أضعف فافترقا في بر اليمين وإن استويا في تماثل الربا.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو أخذ بحقه عرضًا فإن كان قيمة حقه لم يحنث وإن كان أقل حنث إلا أن ينوى حتى لا يبقى عليك من حقي شيء فلا يحنث قال المزني رحمه الله: ليس للقيمة معنى لأن يمينه إن كانت على عين الحق لم يبر إلا بعينه وإن كانت على البراءة فقد براء والعرض غير الحق سوى أو لم يسو".
قال في الحاوي: وصورتها أن يحلف صاحب الحق على غريمه أن لا يفارقه حتى يستوفي حقه منه فيأخذ منه عوض حقه متاعًا أو عروضًا أو يأخذ بدل الدراهم دنانير أو بدل الدنانير دراهم، فقد اختلف الفقاء في بره على ثلاثة مذاهب:
أحدها: وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه: أنه لا يبر في يمينه، ويحنث سواء كان ما أخذه بقيمة حقه أو أقل منه.
والثاني: وهو مذهب أبي حنيفة أنه يبر في يمينه ولا يحنث، سواء كان بقيمة حقه أو أقل منه.
والثالث: وهو مذهب مالك أنه يبر إن كان بقيمة حقه، ويحنث إن كان أقل من قيمة حقه، ووهم المزني، فنقل هذا المذهب عن الشافعي ثم رد عليه فقال: ليس للقيمة معنى، لأن يمينه إن كانت على غير الحق لم يبر إلا بعينه، وإن كانت على البراءة فقد برئ، والعوض غير الحق، سوى أو لم يساو فيقال للمزني: نقلك خطأ وجوابك صحيح، وإنما