التأخير. وإذا أراد تخليته أمر بالنداء عليه على ما ذكرنا.
ولو قال: حبسني فلان من غير الحكم لا يقبل ذلك؛ لأنه خلاف الظاهر، ويستكشف على ما ذكرنا إذا قال: حبسني ظلمًا، وإذا أراد أن يخليه حلفه، وقيل: إن كان فلان حاضرًا أحضره 88/ أ حتى يقيم عليه البينة أن له عليه حقًا وإلا أطلقه، وإن كان غائبًا ففيه وجهان:
أحدهما: يطلقه؛ لأن الأصل أن لا حبس. والثاني: لا يطلق؛ لأن الظاهر أنه حبسه القاضي بحقٍ. ذكره بعض أصحابنا بخراسان.
فرع آخر
إذا فرغ من أمر المحبوسين على ما ذكرنا نظر في أمور الأوصياء؛ لأن الوصي ينظر في مال من لا يمكنه المطالبة بحقه، ولا يعبر عن نفسه، وهم الأطفال والمجانين والمساكين، فكان النظر في أمرهم أولى. ثم لا يخلو الوصي من أربعة أقسامٍ:
أحدهما: أن يقيم البينة على أن الحاكم الذي نفذ وصيته وأطلق تصرفه في المال، فإن القاضي الثاني لا يتعرض له، ويمضي عليه ما ثبت من حكم الأول؛ لأن الظاهر أن الأول لم ينفذه إلا بعد ثبوت عدالته، إلا أن يعلم من حدوث فسقٍ أو خيانةٍ فينقضي ذلك.
والثاني: أن لا يكون الحاكم الأول نفذ وصيته، وأراد أن يقيم البينة عنده على الوصية، فإن الحاكم الثاني يسمع بينته، ونظر في عدالته، فإن كان عدلًا أمضاه، وإن كان فاسقًا انتزع المال من يده وجعله في يد أمينٍ عدلٍ. وإن شك في أمانته ففيه وجهان؛ قال الإصطخري: يقره في يده؛ لأن الظاهر الأمانة، كما لو نصبه الحاكم. وقال أبو إسحاق: ينتزع المال من يده حتى يعلم أمانته، ويفارق أمين الحاكم؛ لأن الحاكم لا ينصب إلا من هو ثقة مرضي، وإن كان أمينًا ضعيفًا ضمَّ إليه أمينًا يقويه.
والثالث: أن يقسم الوصي البينة أن فلانًا أوصى إليه وأمره بتفرقة المال، وقال: قد فرقت، نظر الحاكم، فإن كانت الوصية لأقوامٍ معينين لم يتعرض له قلوا أو كثروا؛ لأنهم يطالبون به وإن لم يوصله إليهم. وإن كانت الوصية لغير معينين مثل الفقراء والمساكين نظر، 88/ ب فإن كان عدلًا لم يضمنه، وإن كان فاسقًا ضمنه؛ لأن الفاسق لا يكون وصيًا، فكان تفرقة المال تعديًا منه عليه فيلزمه ضمانة، ورد تفريق ما يضمنه إلى أمينه حتى يفرقه عليهم، وليس للوصي أن يرجع على المساكين بما فرقه وإن صدقوه على الوصية؛ لأنه مقرٌ بوصوله إليهم بحقٍ، ذكره في "الحاوي".
وإن كان فسقه خفيًا يحتاج إلى الاجتهاد نفذ تصرفه ولا يضمنه إلا بالتعدي ما لم يحكم بفسقه، وإن كان الفسق ظاهرًا وباع شيئًا من التركة فسخ بيعه وإن لم يكن عرف