المال بعد، فإن كان عدلًا قويًا فهو أكمل الأوصياء حالًا فيقره في يده ونفذ وصيته؛ لأنه من أهل الولاية. وإن أمينًا ضعيفًا لا يقدر على التفرد بتنفيذ الوصية يضم إليه أمينًا يقوى به في تنفيذها.
وإن كان فاسقًا عزله؛ لأن الوصية ولاية والفاسق ليس من أهل الولاية. ومن أصحابنا من قال: هذا إن كان خائنًا في الأمانة فاسقًا في الديانة ثقة في الأمانة، فإن كانت الوصية بالولاية على الأطفال أو بتفريق الثلث في غير معينين انتزعها منه وردها إلى غيره، وإن كانت لتفريق الثلث لمعينين أو في قضاء الدين لمسمين يجوز أن يقرها في يده، والفرق أن في تلك ولاية واجتهاد وليس الفاسق من أهلها، وهذه مقصورة بالتعيين على التنفيذ دون الاجتهاد.
والرابع: أن يقول: إن فلانًا أوصى بتفرقة هذا المال وخفت عليه الهلاك ففرقته بنفسي، ولم تكن الوصية إليَّ وأقام البينة على الوصية، فإن كان لأقوام معينين لم يتعرض له حتى يدعي من له الوصية، وإن كان لأقوام بأوصافٍ مثل الفقراء والمساكين فيه وجهان؛ 89/ أ أحدهما: يضمن؛ لأنه متعدي بتفرقته.
والثاني: لا يضمن؛ لأنه قد أوصله إلى أصحابه ووضعه في موضعه، والأول أصح عندي.
واعلم أنه إذا أراد النظر في أمور الأوصياء، بدأ بمن يرى من غير قرعةٍ بخلاف المحبوسين؛ لأن هذا من نظر اجتهادٍ، ولأن النظر فيه عليهم لا لهم.
وقيل: للوصي ثلاثة أحوالٍ: أحدهما: أن يكون وصيًا في الولاية على الأطفال أو المجانين فيلزمه في حقهم ثلاثة أشياء؛ حفظ أصول أموالهم، وتمييز فروعها، والنفقة عليهم بالمعروف.
والثانية: أن يكون وصيًا في تفريق الثلث وقضاء الدين، فلا يتعداه إلى ولاية الأطفال، ونظر في الوصية فإن كانت لمعينين سقط اجتهاده فيها، وصرف الدين والثلث إلى المسلمين، وإن كانت في موصوفين وصاروا بعد الدفع فيها كالمعينين، فإن عدل عن أهل تلك الصفة إلى غيرهم لم يجز، وضمن لأهل تلك الصفة، ولا يكون له استرجاع ما دفع إليهم إلا أن يصدقوه على الوصية والصفة.
والثالثة: أن يكون وصيًّا في الأمرين من ولاية الأطفال، وتفريق الثلث فهي الوصية العامة، فيلزمه أن يعمل في كل واحدٍ منهما ما كان يعمله لو تفرد به، فإذا عرف القاضي كيفية الوصية اختبر حال الوصي في أمانته وثبوته على ما ذكرنا.
فرع آخر
إذا فرغ من أمر الأوصياء نظر في أمور الأمناء، فالأمين هو الذي ينصبه القاضي في أموال الأيتام الذين لا وليَّ لهم، وفي أموال المحجور عليهم للسفه ينظر في أمرهم، فإن لم يكن حالهم تغيرت وكانوا من أهل الأمانة والنظر أقرهم، وإن تغيرت حالهم عزلهم، وإن أراد يولي غيرهم ويعزلهم من غير تغيير حالهم 89/ ب كان له ذلك،