والفرق بين هذا وبين الوصي حيث قلنا ليس له أن يعزله إن تولية الوصي ابتداء لم تكن إليه، وتولية هذا إليه إن لم يكن القاضي الأول ولاه فكان له عزله أيضًا، وإن وجد فيه ضعفًا فالقاضي بالخيار بين أن يضم إليه قويًا من أمنائه، أو ينتزع من يده إلى قوي بخلاف الوصي.
وقال في "الحاوي": يعتبر فيهم ثلاثة أشياء. أحدها: ما هم عليه من قوة وأمانة.
والثاني: ما يتصرفون فيه من الولاية عن الأطفال والنظر في الأموال.
والثالث: ما فعلوه فيها من قبل وما يستأنفوه من العمل فيها من بعد.
ويبدأ بمن يراه منهم من غير قرعةٍ كالأوصياء، ولا يخلو حال الأمين فيها من أربعة أحوالٍ:
أحدهما: أن يكون عدلًا وقد فعل ما جاز فيكون على ولايته ونفاذ فعله.
والثانية: أن يكون عدلًا وقد فعل ما لم يجز بالجهالة فيكون على ولايته، ويرد ما فعله ويضمن إن فات استدراكه. والثالثة: أن يكون فاسقًا وقد فعل ما جاز، فولايته باطلة بفسقه، ولا يضمن ما تعين ويضمن ما لم يتعين كالوصي.
والرابعة: أن يكون فاسقًا وفعل ما لم يجز فولايته باطلة ويرد ما فعل ويضمن ما تصرف فيه.
فرع آخر
لو ادّعى هذا الأمين أجرة جعلها له الحاكم قبله، فإن أقام بينة أعطاه إذا لم يرد على أجرة مثله، وإن عدم البينة ففي استحقاقها وجهان مبنيان على الوجهين إذا ركب الدابة من ادعى إعارتها، وادعى المالك إجارتها، فإن قلنا هناك لا أجرة لمالك الدابة فلا أجرة للأمين هنا. وإن قلنا هناك يلزم الأجرة تلزم الأجرة هنا.
فرع آخر
إذا فرغ من أمور الأمناء نظر في أحوال الضوال 90/ أ واللقطة، فربما يكون من الناس من لا يختار وتملك اللقطة فيتركها عند الحاكم، فينظر الحاكم في ذلك فما لا يخاف تلفه ولا يلزمه مؤنةٌ في حفظه حفظه على صاحبه، وما يلزمه مؤنة في حفظه أو يخاف عليه التلف كالمواشي وغيرها باعها وحفظ ثمنها على صاحبها، وإن كانت دراهم أو دنانير أو نحو ذلك أخذها الحاكم وجعلها في بيت المال معرفة له عن خبرها، حتى إذا جاء صاحبها ردها عليه أو خلطها في مال بيت المال.
وقال في "الحاوي": جملة ما ذكرنا أن القاضي يبدأ بالنظر في الأمانات وهي خمسة:
أحدها: أن يتسلم ديوان الحكم ممن كان قبله.