حكمه وبقيت تلاوته، والناسخ باقي الحكم والتلاوة، كنسخ العدة حولاً بأربعة أشهر وعشر، ونسخ آية الوصايا بآية المواريث.
والثاني: ما نسخ حكمه وتلاوته والناسخ باقي الحكم والتلاوة كنسخ صيام أيام البيض بصيام شهر رمضان، ونسخ استقبال بيت المقدس باستقبال الكعبة، كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أول ما نسخ باب الصيام الأول واستقبال بيت المقدس".
والثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته ونسخت تلاوة الناسخ وبقي حكمه، كقوله تعالى في حد الزنا: {وَاللاَّتِي يَاتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} النساء: 15 الآية، نسخه قوله تعالى: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم، قال عمر - رضي الله عنه -: 106/ب كنا نقرأها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولولا أن يقال زاد عمر في كتاب الله لأثبتها فيه.
فإن قيل: فكيف يجوز أن يكون المنسوخ ناسخًا؟ قلنا: فيه جوابان:
أحدهما: أن النسخ إنما كان بالحكم دون التلاوة والحكم باقٍ وإن نسخت التلاوة.
والثاني: يجوز أن يكون النسخ به قبل نسخ التلاوة.
والضرب الرابع: ما نسخ حكمه وتلاوته ونسخت تلاوة الناسخ وبقي حكمه، وهو ما روي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: كان فيما أنزل الله تعالى من القرآن: عشر رضعات محرمات فنسخن بخمس معلومات، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ في القرآن. تعني في العمل بهن دون التلاوة، فكان المنسوخ مرفوع الحكم والتلاوة، والناسخ مرفوع التلاوة باقي الحكم.
والضرب الخامس: ما نسخ حكمه وتلاوته وهو لا يعلم الذي نسخه، كما روي أنه كان في القرآن: لو كان لابن آدم وادٍ من ذهب لابتغى إليه ثانيًا، ولو كان له ثانٍ لابتغى إليه ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب. وروى أنس - رضي الله عنه - أنهم كانوا يقرأون: بلغوا إخواننا عنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه. ومثل هذا قد يكون رفعًا له في المعنى ولا يكون نسخًا له في الحكم، روي أن رجلاً قام من الليل ليقرأ سورة فلم يقدر عليها، وقام آخر ليقرأها فلم يقدر عليها، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقال: "رفعت البارحة".
وأما القسم الرابع: من أحوال النسخ، فهو على خمسة أضرب:
أحدها: ما نسخ إلى مثله في الخفة والغلظ، كنسخ استقبال بيت المقدس 107/ أ باستقبال الكعبة.