ويقبل خبر الأعمى وإن لم تقبل شهادته، وكذلك يقبل هبر العبد والمرأة؛ لأن فتواهما مقبولة لاختصاصه بالدين.
وقال أبو حنيفة: لا تقبل أخبار النساء في الدين إلا أخبار عائشة وأم سلمه رضي الله عنهما.
هكذا ذكر صاحب"الحاوي" عنه ولا يصح، قلنا: لو كان نقص الأنوثة مانعاً لعَّم، ولأنه يقبل المرأة في الفتوى وهو أغلظ.
وأما شروط التحمل فللمستمع أربعة أحوال؛ أحدها: أن يسمعه من لفظ المحدث
والثاني: أن يقرأه عليه.
والثالث: أن يجيزه المحدث.
والرابع: أن يكاتبه المحدث. فأما الأول فيصح تحمله عنه سواء كان عن قصدٍ واسترعاء، أو كان باتفاق ومذاكرة بخلاف الشهادة، ويجوز أن يكون المحدث أعمى أو أصم، ولا يصح السماع إن كان المتحمل أصم ويصح إن كان أعمى.
وأما 112/ أ قراءة المستمع على المحدث فيصح تحمله كما لأوقره المحدث، وكذلك لو قرأه غير المستمع على المحدث كان كما لو قرأه المستمع، ومن شرط صحة السماع في هذا شيئان: أحدهما: أن يكون المحدث سميعاً، فإن كان أصم لم يصح.
والثاني: أن يغترف المحدث بصحة ما قرأه عليه، ولا يصح التحمل إن لم يغترف بت، ويجوز أن يكون القارئ أصم.
وأما الإجازة فلا يصح التحمل بالإجازة عند الشافعي- رضي الله عنه- وجماعة، وأجازة بعض أصحاب الحديث في الأحوال. وقال بعضهم: يعتبر في صحة الإجازة أن يسلم الكتاب، وليصح إن لم يسلم الكتاب. وقيل: لو صحت الإجازة بطلت الرحلة، وقد يتدل في الإجازة الفاسد بالصحيح والمجهول بالمعروف.
فأما المكاتبة: فلا يصح فيها التحمل.
فإن قيل: فقد كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عماله في السنن والأحكام كتبا عملوا عليها وأخذ الناس بتا، منها كتابه لعمرو بن حزم في الديات، والصحيفة التي أخذها أبو بكر- رضي الله عنه- من فراب سيفه في نُصب الزكوات. قلنا: قد كانت ترد مع رسل يعوّل على خبرهم بتا.
ويصح سماع غير البالغ إذا كان مميزا سمع ابن الزبير وكان ابن تسع سنين حين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمع ابن عباس- رضي الله عنهما- قبل بلوغه وقبل الناس روايتهما بعد البلوغ. وهكذا لو كان كافرا ثم أسلم، أو كان فاسقا ثم اعتدل؛ لأن شرط صحة التحمل صحة التمييز وحده.