إحداهما: أن يكون في إبدال الأسماء بغيرها فيعدل عن اسم زيد بن خالد فيشمسه بعمرو بن بكر لنزول من عدل عن اسمه وارتفاع من عدل إلى اسمه، فهذا كذب يرد حديثه بت.
والثانية: أن يكون التدليس في إطراح اسم الراوي الأقرب وإضافة الحديث إلى من هو أبعد، كأذى حكي عن سفيان بن عيينة في حديثه عن عمرو بن دينار وبينهما في بعض 115/ أ الأحاديث رجال، وإن سمع منه أكثرها فلا يكون هذا التدليس مجروحاً، ولكن لا يقبل حديثه إذا روى عن فلانٍ، حتى يقول: "حدثني" أو "أخبرني"، فإذا قال ذلك زال احتمال التدليس فيقبل حديثه.
وشدد بعض أصحاب الحديث حال التدليس، فيقبل حديثه حتى يقول: "سمعت"، ولا يقبله إذا قال: "حدثني" أو "أخبرني" كما يقبل من مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وأما القسم الخامس في نقل السماع فللراوي في نقل سماعه أربعة أحوالٍ: أحدها: أن يروى ما سمعه بألفاظه وعلى صفته.
والثاني: أن يروى معناه بغير لفظه.
والثالث: ينقصم. والرابع: أن يزيد عليه.
فأما الحالة الأولى فلا يخلو مصدره من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون ابتداءً أو جواباً.
فإن كان ابتداءً وحكاه فقد أدى الأمانة فيه كقوله صلى الله عليه وسلم:"مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم". وإن كان جواباً عن سؤال فهو على ثلاثة أضرب:
أحدهما: أن يكون الجواب مغنياً عن ذكر السؤال كما سئل الله صلى الله عليه وسلم عن التوضؤ بماء البحر، فقال:"هو الطهور ماؤه، الحل ميتته"، فالروي فيه مخير بين ذكر السؤال وتركه".
والثاني: يفتقر الجواب إلى ذكر السؤال كما سئل عن بيع الرطب بالتمر، فقال:"أينقص الرطب إذا يبس؟ " فقيل: نعم، فقال:"فلا يجوز أن يقتصر على رواية الجواب حتى يذكر السؤال؛ لأن قوله:"فلا إذاً" لا يفهم إلا بذكر السؤال.
والثالث: أن يكون إطلاق الجواب يحتمل أمرين، فإذا نقل السؤال بقى أحد الاحتمالين، كما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم 115/ ب صلى الله عليه وسلم عن الناقة تذبح فيوجد في جوفها جنين ميت أيؤكل؟ فقال:"ذكىته ذكاه أمه". فلو قاله ابتداءً لا حتما أن تكون ذكرته مثل ذكوة أمه، ويحتمل أن يستباح بزكاة أمه، فإذا ذكر السؤال صار الجواب محمولا على أنه بسباح في هذا من هو أصل الخبر كالصحابي ومن تفرغ عليه من التابعين ومن دونهم.
والحالة الثانية: أن يروى معنى الحديث بغير لفظة، فهو ثلاثة أضرب: