والثالث: أن يكون الباقي مفهومًا مستقل الحكم، كقوله صلى الله عليه وسلم: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته"، فيجوز أن يقتصر في الرواية على أحدهما فيروي: "هو الطهور ماؤه" أو يروي "الحل ميتته" لأنهما كلمات فلم يلزم الجميع 116/ ب بينهما في الرواية إلا أن يتعين عليه فرصة الإبلاغ عند الحاجة إليه فيلزمه أداء ما تحمل كالشاهد.
والحالة الرابعة: أن يزيد في الخبر، وهو على ثلاثة أضربٍ: أحدهما: أن تكون الزيادة شرحًا للحال كما نهى صلى الله عليه وسلم عن تقلي الركبان، وأن يبيع حاضر لبادٍ، فيزيد فيه ذكر السبب الذي دعاه إلى هذا القول فيصح هذا من الصحابي؛ لأنه قد شاهد الحال دون التابعي.
والثاني: أن تكون الزيادة تفسيرًا لمعنى الكلام كنهيه صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة، فيجوز للراوي من صحابي وتابعي أن يفسر معناها في روايته، فتصير الزيادة تفسيرًا فيجوز، ولكن إن فسرها الصحابي لزم قبول تفسيره بغير دليلٍ، وإن فسرها التابعي لم يلزم قبوله إلا بدليل.
والثالث: أن تخرج الزيادة عن شرح السبب وتفسير المعنى فما هي إلا كذب صريح، وقد نزه الله تعالى عن صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار".
وأما الأصل الثاني من أحكام المتون المنقولة والسنن المروية، فجمع ما ذكرنا أن كتاب الله تعالى يشتمل عليه من الأقسام الستة وهي العموم والخصوص، والمفسر والمجمل، والمطلق والمقيد، والإثبات والنفي، والمحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ فمثلها موجود في السنة وأحكامها على ما ذكرناه في الكتاب.
ثم تختص السنة بأصول تشتمل عليها ثلاثة أقسام؛: ما يؤخذ من السنة والثاني ما يجب بيانه بالسنة والثالث ما يلزم العمل به من السنة فأما الأول عن الرسول صلى الله عليه وسلم من ثلاثة أوجهٍ أحدها: 117/ أ من قوله. والثاني: من فعله. والثالث: من إقراره.
فأما أقواله فهو مطاع فيها، قال الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} النساء:59 الآية. وهي على أربعة أضربٍ؛ أمر، ونهي، وخبر، واستخبار فيطاع في أوامره ويتبع في نواهيه ويصرف في خبره ويجاب عن استخباره. ثم ينقسم قسمين؛ أحدهما: ما ابتدأه.
والثاني: ما كان جوابًا عن سؤال.
فأما المبتدأ من قوله فيشتمل على خمسة أقسامٍ؛ عبادات، ومعاملات، وترغيب، وترهيب وتأديب.
فأما العبادات: فتردد بين وجوب وندبٍ. وأما المعاملات: فتردد بين إباحةٍ وحظرٍ. وأما الترغيب بالثواب فداعٍ إلى الطاعة.