فرع
لو سأل الحاكم الشاهدين عن سبب الجرح فذكر له وكان زنا لم يكن قاذفاًً، سواء كان بلفظ الشهادة أو بغير لفظ الشهادة، لأنه لا يقصد إدخال المعرة عليه بالقذف، بل قصد إثبات صفته عند الحاكم ليتبين الحاكم حكمه عليه، هكذا ذكره أبو حامد.
وقال في "الحاوي": لا يصير أصحاب المسائل إذا شهدوا بها قذفه وإن لم تكمل شهادتهم، لأن أصحاب المسائل ندبوا للإخبار فأسمعوه ولم يندب الجيران إليه.
ولا يفرق بين أن يذكر أصحاب المسائل هذا الجرح بلفظ الشهادة أو بلفظ الخبر، ولكن الحاكم يحكم به إن كان بلفظ الشهادة ولا يحكم به إن كان بلفظ الخبر.
فرع آخر
قال في "الحاوي": اعلم أن الفسق يكون من ثلاثة أوجه: بالأفعال كالزنا والغضب، وبالأقوال كالقذف والكذب، وبالاعتقاد كاستحلال المحظور والتدين بالبدع.
والأفعال تعلم بالمعاينة، والأقوال تعلم بالسماع وكذلك الاعتقاد، فلا يقبل من الجارح إذا شهد بأفعال الجرح إلا إذا شاهدها، ولا يقبل منه إذا شهد بأقوال الجرح إذا سمعه ولا يقبل إذا قال: بلغني، أو قيل لي، ولا يقبل شهادة الأعمى بالجرح في الأقوال والأفعال، فأما إذا شهد عن الإخبار بها، فإن كانت أخبار آحاد لم يكون للمخبر أن يشهد بها، وإن كانت من أخبار الاستفاضة أو التواتر التي لا يعترضها ارتياب جاز أن يشهد بها كما 166/ ب بالأنساب وتقبل به شهادة الأعمى. فإن كان الشاهد عند الحاكم بهذا الجرح هم الجيران إن كانت هذه الشروط معتبرة في شهادتهم أن يعلمه إما يعلمه إما بالمعاينة للأفعال أو بالسماع للأقوال، أو بالخبر المستفيض للأفعال والأقوال، وأن الشاهد بها أصحاب مسائل يحملوها عند علمها من هذه الوجوه الثلاثة جاز لهم أن يشهدوا بها عنهم، لأن أصحاب مسائله ندبوا للبحث عنها، ولو تحملوهاٍ من هذه الوجوه لعلموا الشهادة بها، ولما احتاجوا إلى المسألة عنها.
مسألة: قال: "ولا يقبل التعديل إلا بأن يقول: عدل على ولي".
الفصل
اختلف أصحابنا في هذا، فقال بعضهم: هذا يدل على أن الحاكم لا يسأل عن أسباب التعديل، ويسأل عن أسباب الجرح، لأن الشهادة بالتعديل أن يجدوه سليماً من الهفوات، ولا يحتاج في هذا إلى شرح السبب، وعلى هذا السؤال عن سبب العدالة استظهار لا واجب، وهذا الذي عليه القضاة في زماننا هذا. وعلى هذا قال الإصطخري: قول "قول عدل علي ولي" استحباب للتأكيد، لأن الشهادة بالتعديل تقتضي