الحكم بها عليه وله، فيكفي أن يقول عدل. وبه قال أبو حنيفة، ومالك وأحمد رحمهم الله، وهو اختيار صاحب: الإفصاح" والقفال. وقد قال في "حرملة": إذا قال هو عدل مرضي كفي في التعديل، وهذا لأن المقصود إثبات عدالته عند الحاكم، وذلك يثبت بهذا ولا يحتاج إلى زيادة.
وقال أبو إسحاق وجماعة: هو على الوجوب، وهو ظاهر كلام الشافعي هنا، ونص عليه في "الأم" أيضاً، واختلفوا في العلة، فقال أبو إسحاق: إنما شرط هذا لأنه قد يكون 167/ أ عدلاً في شيء دون شيء، وفي القليل دون الكثير، فإذا قال ذلك عم ولو يخص.
وإذا قال عدل ولم يزد لم يثبت العدالة المطلقة، كما إذا قيل: فلان صادق، ولا يثبت بهذا القدر صدقة على الإطلاق. وقال غيره: العلة أنه قد يكون الشاهد بالتعديل من لا تقبل شهادته عليه، لأنه من أعدائه، فإذا قال عدل على ولي زال هذا الاحتمال، فقوله عدل علي نفي للعداوة، وإذا قال عدل لي نفي للقرابة وهذا أبلغ الألفاظ في التعديل وعلى هذا لا يلزم أن يقول هذا إذا علم أنه لا نسب بينهما ولا عداوة. وعلى تعليل أبي إسحاق يلزم ذلك وإن علم أنه لا نسب بينهما ولا عداوة.
فرع
الشهادة بأنه عدل رضا جرت العادة بالجمع بينهما في صحة التعديل، وقال جمهور أصحابنا: قوله"رضا" محمول على التأكيد، لأن العدل رضا. وقال بعض أصحابنا البصريين: هذا شرط في صحة التعديل، لأن التعديل سلامة والرضا كمال.
فرع آخر
استزاد بعض القضاة في التعديل أن يقول إنه مأمون في الرضا والغضب، وهذا تأكيد لا يكون شرطاً، لأنه من أحكام العدالة فلا يلزم ذكرها كالصدق والأمانة.
فرع آخر
قال بعض أصحابنا: سؤاله عن أسباب العدالة واجب لجواز الاحتمال في التعديل كجوازه في التفسيق، فعلى هذا يكون الشاهد مؤد بالأسباب، والقاضي هو الحاكم بالعدالة، وتكون استزادته من الشهود أن يشهدوا أنه عدل، ولي استخبار عن حكم العدالة وليس بشرط في قبول الشهادة على سببها، وهل يكون هذا الاستخبار لازماً في حق الحاكم وأنه لم يكن في حق الشاهد؟ فيه وجهان: 167/ ب أحدهما: يكون لازماً في حقه ليكون حكمه بالتعديل على أحوط الأمور. والثاني: أنه ليس بلازم في حق الشاهد، لأن الشهادة بأسباب التعديل تغني عما سواه.
فرع آخر
إذا قلنا يشترط ذلك بسبب التعديل جاز أن يكون الشاهد بالتعديل من غير أهل الاجتهاد. وإن قلنا لا يشترط وجب أن يكون الشاهد بالتعديل من أهل الاجتهاد.