قابلها؟ لأنها تؤخذ بدلاً منها، فعلى هذا تكون على ضربين:
أحدهما: ما أمكن تبعيضه، وأن تستوفي منه بقدر حقه كاليدين إذا قطعهما ففيهما الدية، ويمكن أنت تؤخذ إحداهما، وفيهما نصف الدية فها هنا يجب القصاص عليه في أحدى اليدين، ويسقط في الأخرى، لأنه قد استوفي بها نصف الدية، فلم يجز أن يستزيد عليها فوق حقه، ويكون مخيراً بين الاقتصاص من اليمنى أو اليسرى، ولا خيار له في غير هذا الموضع.
والثاني: ما لم يمكن تبعيضه كجدع الأنف، وقطع الذكر، فيسقط القود فيه لما تضمنه من الزيادة على القدر المستحق من الدية.
فصل:
وأما القسم الثالث من أقسام السم: وهو القاتل في الأغلب، وإن جاز أن لا يقتل فهذا قد يجوز أن يموت من الجرح دون السم، ويجوز أن يموت من السم دون الجرح، وليس أحدهما أغلب من الآخر فجرى السم مجرى الجرح الآخر، والحكم في مستعمله على ما مضى، لكن اختلف أصحابنا فيه هل يكون في حكم العمد المحض أو خطأ العمد على وجهين:
أحدهما: أنه في حكم خطأ العمد، لأن المقصود دية التداوي فصار خطأ في القصد، عمداً في القتل، يسقط القود عن الجارح في النفس، ويجب عليه نصف الدية مع الكفارة، لأن جرحه صار قتلاً ويكون حكم شريك عمد الخطأ كشريك الخطأ في سقوط القود، فإن أراد الولي القصاص في الجرح لم يكن له ذلك وجهاً واحداً، لأن شريك الخطأ في الجرح كشريكه في النفس.
والثاني: أن السم يكون في حكم العمد المحض، فعلى هذا في وجوب القود على الجارح قولان على ما مضى يقاد من نفسه في أحدهما لخروجها بعمد محض، ولا يقاد منها في الآخر لسقوطه في حكم السم إذا كان المتداوى به هو المجروح، فإن أراد الولي القود في الجرح كان على ما ذكرنا من الوجهين.
فصل:
وأما القسم الرابع من أقسام السم: وهو أن لا يقتل في الأغلب، وإن جاز أن يقتل فهذا خطأ محض، اشترك فيه عمد محض، فيسقط القود الجارح في النفس والجرح ويجب عليه نصف الدية، حالة مغلظة في ماله، لأنها دية عمد محض، ولا يعتبر حكمها بمشاركة الخطأ المحض، وتجب عليه الكفارة، لأن جرحه صار قتلاً.
فإن جهل حال السم ولم يعلم من أي هذه الأقسام الأربعة هو؟ أجرى عليه حكم أخفها، وهو هذا القسم الرابع، لأنها على يقين منه، وفي شكل من الزيادة عليه.
وأما الفصل الثاني من فصلي المسألة: وهو أن يخيط المجروح جرحه فيموت فهذا على ضربين: