بلفظ الأمان والاسترقاق والفداء مرتفعان بزوال اليد.
والثاني: أن يؤمنه الإمام فيصح أمانه ويرتفع بالأمان قتله، لأن أمان الإمام أعم، ولا يرتفع به
استرقاقه
وفداءه، ولأن فك أسره بخلاف أمان الذي أسره، لأن يد الإمام في حق جميع المسلمين، ويد
الذي أسره في حق نفسه.
والثالث: أن يؤمنه أمير الثغر فإن كان الأسير من ثغره صح أمانه، وإن كان من غير ثغره لم
يصح أمانه لخروجه عن ولايته.
والرابع: أن يؤمنه غيرهم، ممن لا يد له ولا ولأية فلا يصح أمانه، ولا يرتفع به قتل ولا استرقاق
ولا فداء، لأن الأسر قد أثبت فيه حقاً لغيره، فلم يملك إسقاطه بأمانه، وصار كأمانه لمن في
أسر الإمام. والفصل الثالث: دخوله ماله في عقد الأمان وهو ضربان:
أحدهما: أن يكون الأمان مطلقًا لم يشترط فيه دخول المال، فيقول: قد أمنتك على نفسك، فيدخل في ماله في الأمان على نفسه ما يلبسه من ثيابه التي لا يستغني عنها وما يستعمله من آلته التي لا بد له منها، وما ينفقه في مدة أمانه اعتبارا بضرورته والعرف الجاري، فمن لم ينسب إلى يسار وإعسار، ولا يدخل فيه ما عداه من أمواله، فأما مركوبه فإن كان ممن لا يستغنى عنه دخل في أمانه، وإن استغنى عنه لم يدخل فيه، وكان ما سوى ذلك من أمواله غنيمة، وكذلك ذراريه وسواء كان الباذل لهذا الأمان الإمام أو غيره من المسلمين.
والثاني: أن يبذل له الأمان على نفسه وماله، فيشترط له دخول ماله في أمانه فهذا على
ضربين: أحدهما: أن يكون ماله حاضرًا، فيصح أن يؤمنه عليه الإمام، وغيره من المسلمين، لأن المال تبع، فإذا صح الأمان للأصل كان في التبع أصلح.
والثاني: أن يكون المال غائباً، فلا يصح بذل الأمان له إلا من الإمام بحق الولاية العامة، ولا يصح من غيره من المسلمين للذين لا ولاية لهم، وكذلك ذراريه إن كانوا حضورًا معه صح أن يبذل الأمان لهم وغيره، وإن كانوا غيبة لم يصح بذل الأمان لهم إلا من الإمام أو من قام مقامه من ولاة الثغور، ولا يصح ممن لا ولاية له من المسلمين لأنه اجتهاد في نظر.
والفصل الرابع: الموضع الذي ينعقد عليه الأمان وهو على ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يبذل له الأمام في بلاد الإسلام كلها، فيصح ويلزم أن يكون أمنًا في جميعها، سواء كان الباذل له واليًا أو غير والي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يسعى بذمتهم أدناهم".
والثاني: أن يبذل له الأمان في بلد خاص، فيلزم أن يكون آمنًا في ملك البلد، وفي الطريق إليه في دار الحرب ولا أمان له فيما سوى ذلك من البلاد اعتبارًا بالشرط، وإن الطريق إليه مستحق.