دخلها وهو مسلم غير مأسور ضمن عمده بالدية دون الكفارة وضمن خطة بالدية والكفارة، وإن كان مأسورا لم يضمن ديته في عمد ولا خطأ وضمن بالكفارة في الخطأ دون العمد، لأن الأسير قد صار في أيديهم كالمملوك لهم، وإن أسلم في دار الحرب وهاجر إلى دار الإسلام كان كالداخل إليها مسلما وإن لم يهاجر إليها كانت نفسه هدراً لا يضمن بقود ولا دية وتلزم الكفارة في الخطأ دون لا العمد احتجاجا بقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} وبما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" أنا بريء من كل مسلم مع مشرك" وهذا موجب لإهدار دمه قال: ولأنه دم لم يحقن في دار الإسلام فلم يضمن في دار الحرب كالحربي.
ودليلنا قول الله عز وجل: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانا} وهذا مظلوم بالقتل فوجب أن يكون لوليه سلطاناً في القوة والدية، ولأنه إسلام صار الدم به محقوناً، فوجب أن يصير به مضمونا كالمهاجر،' ولأنه كل دار ينهدم الدم فيها بالردة، يضمن الدم فيها بالإسلام كدار الإسلام فأما الجواب عن الآية فهو ورودها في الميراث: لأنهم كانوا في صدر الإسلام يتوارثون بالإسلام والهجرة، ثم نسخت حين توارثوا بالإسلام دون الهجرة.
وأما الجواب عن الخبر فهو إنما تبرأ من أفعاله ولا يوجب ذلك هدر دمه كما قال: " من غشنا فليس منا"
وأما الجواب عن قياسه فهو أن هذا دم محقون فلم يكن لاختلاف الدار تأثير ودم الحربي مباح فلا يكن
لاختلاف الدار تأثير، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي:" ولا أعلم أحداً من المشركين لم تبلغه الدعوة إلا أن يكون خلف الذين يقاتلون أمة من المشركين خلف الترك والخزر لم تبلغهم الدعوة فلا يقاتلون حتى يدعوا إلى الإيمان فإن قتل منهم أحد قبل ذلك فعلى من قتله الدية"
قال في الحاوي: وهذا صحيح والكفارة ضربان:
أحدهما: من بلغتهم دعوة الإسلام، وهم من نعرفهم اليوم كالروم والترك، والهند، ومن في أقطار الأرض من الكفارة ودعوة الإسلام أن يبلغهم أن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحجاز نبيًا أرسله إلى كافة الخلق بمعجزة دلت على صدقة يدعوهم إلى توحيده وتصديق رسوله، وطاعته في العمل بما يأمره به ويناهم عنه، وأنه يقاتل من خالفه حتى يؤمن به أو يعطي الجزية إن كان كتابيًا، فإن لم يفعل أحد هذين، أو كان غير كتابي فلم يؤمن استباح قتله فهذه صفة دعوة الإسلام، فإذا كانوا ممن قد بلغتهم هذه الدعوة، لم يجب أن يدعوا