من جملة صلحهم، وإن تمسكوا فيه بعقد الصلح قيل لهم: إن رضيتم بإبطال هذا منه، وإلا نقضنا عهدكم، وبلغناكم مأمنكم، ولا يبطل آمانهم نقضًا بعهدهم لأنن نحن نقضناه بما منع الشرع منه.
فإن قيل: فقد نرى في هذه الأمصار بيعًا وكنائس كالبصرة والكوفة وبغداد، وهو مصر إسلامي بناه المنصور.
قلنا: إن عملنا أنها أحدثت وجب هدمها، وإن علمنا أنها كانت قديمة في المصر قبل إنشائه لأن النصارى قد كانوا يبنون صوامع وديارات، وبيعًا في الصحاري ينقطعون إليها، فتقر عليهم، ولا تهدم، وإن أشكل أمرها، أقرت استصحابًا، لظاهر حالها.
وأما القسم الثاني: وهو ما فتحه المسلمون عنوة من بلاد الشرك، فلا يجوزن أن يصالحوا على استئناف بيع وكنائس فيها، فأما ما تقدم من بيعهم وكنائسهم، فما كان منها خرابًا عند فتحها لم يجز أن يعمروه، لدروسها قبل الفتح، فصارت كالموات.
فأما العامر من البيع والكنائس عند فتحها، ففي جواز إقرارها عليهم إذا صولحوا وجهان:
أحدهما: يجوز إقرارها عليهم لخروجها عن أملاكهم المغنومة، وهو الصحيح، ولذلك أقرت البيع والكنائس في بلاد العنوة.
والثاني: يملكها المسلمون عليهم، ويزول عنها حكم البيع والكنائس وتصير ملكًا لهم مغنومًا لا حق فيها لأهل الذمة، لأنه ليس لما ابتنوه منها حرمة، فدخلت في عموم المغانم، فعلى هذا إن يبعث عليهم، لتكون على حالها بيعًا وكنائس لهم، ففي جواز وجهان:
أحدهما: يجوز استصحابًا لحالها.
والثاني: لا تجوز لزوالها عنهم بملك المسلمين لها، فصارت كالبناء المبتدأ.
وأما القسم الثالث: وهو ما فتحه المسلمون صلحًا، فضربان:
أحدهما: أن نصالحهم على أن يكون ملك الدار لنا دونهم، ويسكنون معنا فيها بالجزية فينظر في بيعهم وكنائسهم، فإن استثنوها في صلحهم أقرت عليهم، لأن الصلح يجوز أن يقع عامًا في جميع أرضهم، وخاصًا في بعضهم، فيقروا عليهم بالصلح، يمنعوا من استحداث غيرها، وإن لم يستثنوها في صلح صارت كأرض العنوة هل يملك المسلمون بيعهم وكنائسهم إذا فتحوها؟ على ما تقدم من الوجهين.
ويكون حكم هذا البلد في منع أهل الذمة في الأقسام الخمسة على ما قدمنا من أحكامنا.
والثاني: أن يصالحهم على أن يكون ملك الدار له دوننا على جزية يؤدونها إلينا،