عن رؤوسهم أو عن أرضهم أو عنهما جميعًا فيجوز أن يقروا على بيعهم وكنائسهم، ويجوز أن يستأنفوا فيها إحداث بيع وكنائس، إنه لم يجز عليها للمسلمين ملك.
فأما الأقسام الخمسة التي يؤخذ أهل الذمة في بلاد الإسلام، فيؤخذ هؤلاء في بلدهم بقسمين منها، وهو الأول والثاني، لأن الأول هو المقصود بعقد الجزية وهي الأحكام الثلاثة، لأنهم قد صاروا بهذا الصلح من أهل الجزية.
وبالقسم الثاني: وهي الشروط الستة، لأنها محرمات منع الشرع منها. فأما الأقسام الثلاثة الباقية من منكراتهم واستغلائهم، فلا يؤخذوا بها، ولا يمنعوا منها، لأنها دارهم، وهي دار منكر في معتقد وفعل، فكان أقل أحوالهم فيها أن يكونوا مقرين على ما يقرون عليه في بيعهم وكنائسهم في بلاد الإسلام.
فصل:
فإذا تقرر ما ذكرنا من حكم البيع والكنائس التي لا يجوز أن تستحدث، فهي ما كانت مجمعًا لصلواتهم، وما اختص بعباداتهم، وتلاوة كتبهم، ودراسة كفرهم، فهي المخصوصة بالخطر والمنع، فأما بناء ما سواها فضربان:
أحدهما: أن تكون أملاكًا خاصة، يسكنها أربابها، فلا يمنعوا بنائها، ولا أن يبيعها المسلمون عليهم، ويشترونها منهم، لأنها منازل سكني، وليست بيوت صلاة.
والثاني: أن يبنوا ما يسكنه بنو السبيل منهم لكل مار ومجتاز، ولا يختص أحد منهم بملكه، فينظر.
فإن شاركهم المسلمون في سكناه، فجعلوه لكل مار من مسلم وذمي جاز، ولم يمنعوا من بقائه، وإن جعلوه مقصورًا على أهل دينهم دون المسلمين، ففي جواز تمليكهم من بنائه وجهان:
أحدهما: يجوز، لأنه منزل سكن، فصار كالمنزل الخاص.
والثاني: لا يجوز أن يمكنوا منه كالبيع والكنائس، لأنه صد صار مقصورًا عليهم عمومًا، ليتعبد فيه سابلتهم، فلم يكن بينه وبين البيع والكنائس فرق، وقد يؤول بهم إلى أن يصير بيعة أو كنيسة لهم.
فصل:
فأما ما استهدم من بيعهم وكنائسهم التي يجوز إقرارهم عليها مع عمارتها، ففي جواز إعادتهم لبنائها وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي سعيد الإصطخري: يمنعون من إعادة بنائها، ويكون إقرارهم عليها ما كانت باقية على عمارتها، لأن عمر رضي الله عنه شرط على نصارى