بعد يَوْمٍ أو يَوْمَيْن -فقد سبق ما يُوافِقُ هذا في جراحاتِ الآدميين.
وفي كتاب القَاضِي ابْنِ كجّ أَنَّ أَبَا الْحُسَيْن بن القَطَّانِ حكى عن رواية أَبِى مُحَمَّدٍ الفَارِسِيّ قَوْلاً آخر: أنها لا تحِلّ.
والمذهبُ الأولُ: وإن لم يكُنْ فيها حياةٌ مستقرةٌ لم تَحِلّ.
وذكر القَاضِي ابْنُ كج أَنَّ أَبَا حَفْصِ ابْنَ الوَكِيلِ حكى فيه قَوْلاً آخر أنها تَحِلُّ. والمذهبُ الأول.
وهذا بخلاف الشَّاةِ إذا مَرِضَتْ فصارت إلى أَدْنى الرمق، فذُبِحَتْ تحلُّ لأنه لم يُوجَدْ سببٌ يُحالُ عليه الهلاكُ ويجعل قَتْلاً.
قال الغَزَالِيُّ: وَالمُشْرِفُ عَلَى المَوْتِ إِنْ شَكَكْنَا فِي أَنَّ حَرَكَتَهُ كَحَرَكَةِ المَذْبُوحِ أَوْ حَيَاتَهُ مُسْتَقِرَّةٌ فَالغَالِبُ التَّحْرِيمُ* وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ بِدَوَامِ الحَرَكةِ بَعْدَ الذَّبْحِ وانْفِجَارِ الدَّمِ وَعَلاَمَات أُخْرَى جَازَ ذَبْحُهُ.
قال الرَّافِعِيُّ: ولو أكلتِ الشاةُ نباتاً مُضِرّاً فصارت إلى أَدْنَى الرَّمَقِ فذبحت فقد ذكر شَيْخِي -يعني القاضي حُسَيْن- فيه وَجْهَيْنِ ثم قطع من كره بنفي الحِلِّ؛ لأنا وجدنا سَبَباً يُحالُ الهلاكُ عليه، فصار كجُرحِ السَّبُع، ثم كون الحيوان مُنْتهياً إلى حركةِ المذْبُوحِ أو حيّاً بحياةٍ مُسْتقرةً يُسْتَيْقَنَ تَارةً، ويُظَنُّ أُخْرَى بعلامَاتٍ وقَرائِنَ لا تضبطها العبارةُ وشبه بعلاماتِ الخَجَلِ وَالغَضَبِ ونحوهما، ومن الأَمَاراتِ (1) على بقاءِ الحياةِ المُسْتقرَّةِ الحركةُ الشدِيدةُ بعد قطع الحُلْقُومِ والمِريءِ وانفجارِ الدَّمِ وتدفقه.
وذكر الإمامُ: أن فيهم مَنِ اعْتمد كُلَّ واحدٍ منهما، وَاكْتَفَى به دَلِيلاً على أَنَّ فيه حياةً مُستقرةً، وأن الأَظْهرَ أن كلاً منهما وإن كان يثير ظناً -فإنَّه لا يُكْتَفَى به لأنهما قد يحصُلاَنِ بعد الانتهاءِ إلى حركة المذْبُوحِ.
نَعَمْ. قد ينضمُّ إلَى احدِهِما أو كِلاهُما قرائِنُ وإماراتٌ أخَرُ تُفِيدَ اليقينَ (2) أو الظَّنَّ فيجبُ النظرُ والاجتهادُ، وإذا شَكَكْنَا في الحياة المُسْتقرةِ ولم يترجّحْ في ظَنِّنا شيءٌ ففيه وجهان:
أَحَدُهُمَا: وينسب إلى ابْنِ أَبِي هُرَيْرةَ أنه يحلُّ؛ لأن: الأصلَ بقاءُ الحياةِ المستقرة.
وأَظْهرُهما وهو المذكورُ في الكتابِ، وبه قال أَبُو إسحاقَ: المنعُ تغلِيباً للتحرِيم