التَّقْيِيد فِي النَّص الْمُطلق نسخا من حَيْثُ الْمَعْنى بقوله تَعَالَى {فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء} ثمَّ قَالَ السّديّ هَذَا قد انتسخ بقوله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} لِأَن سُورَة بَرَاءَة من آخر مَا نزل فَكَانَ نَاسِخا للْحكم الَّذِي كَانَ قبله
وَكَذَلِكَ حكم الْحَبْس فِي الْبيُوت والأذى بِاللِّسَانِ فِي كَونه حدا قد انتسخ بقوله عَلَيْهِ السَّلَام (خُذُوا عني) الحَدِيث
ثمَّ هَذَا الحكم انتسخ بنزول قَوْله تَعَالَى {فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة} وبرجم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام مَاعِز بن مَالك رَضِي الله عَنهُ وَاسْتقر الحكم على أَن الْحَد الْكَامِل فِي حق غير الْمُحصن مائَة جلدَة وَفِي حق الْمُحصن الرَّجْم
وَمِمَّا اخْتلفُوا فِي أَنه نسخ أم لَا حكم الْمِيرَاث فقد كَانَ التوريث بِالْحلف وَالْهجْرَة ثَابتا فِي الِابْتِدَاء قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم} وَقَالَ تَعَالَى {إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا} إِلَى قَوْله {أُولَئِكَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا} الْآيَة ثمَّ انتسخ هَذَا عِنْد بعض الْعلمَاء بنزول قَوْله تَعَالَى {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله من الْمُؤمنِينَ والمهاجرين} الْآيَة
وَمِنْهُم من قَالَ هَذَا لَيْسَ بنسخ وَلَكِن هَذَا تَقْدِيم وَارِث على وَارِث فَلَا يكون نسخا كتقديم الابْن على الْأَخ فِي الْمِيرَاث لَا يكون نسخ التوريث بالأخوة وَتَقْدِيم الشَّرِيك على الْجَار فِي اسْتِحْقَاق الشُّفْعَة لَا يكون نسخ حكم الشُّفْعَة بالجوار
وَالأَصَح أَن نقُول هَذَا نسخ بعض الْأَحْوَال دون الْبَعْض فَإِن قَوْله تَعَالَى {فآتوهم نصِيبهم} تنصيص على أَن بِالْحلف يسْتَحق النَّصِيب من الْمِيرَاث مَعَ وجود الْقَرِيب ثمَّ انتسخ هَذَا الحكم بقوله تَعَالَى {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} حَتَّى لَا يسْتَحق بِالْحلف شَيْئا مَعَ وجود الْقَرِيب أصلا
فَعرفنَا أَن هَذَا الحكم قد انْتهى فِي هَذِه الْحَالة فَكَانَ نسخا وَإِن كَانَ