صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ذلك جزاؤه أن جازاه"، وكذلك يقول ويذهب إلا أن لا يجازيه لأنه من حكمه أن يغفر ما دون ذلك لمن يشاء والقتل دون الشرك فثبت أنه قد يغفره لمن يشاء.
وأيضا فإنه لم يقل: فجزاؤه جهنم إلا أن يتوب، ولكن حمل المطلق منهما على أنه الاستثناء التي كان تأويلها عندهم إنها في صاحب الكبيرة، كافرا كان أو غير كافر، فلا يدفعونها عن أن تحملها على الآية التي فيها وعد المغفرة، فيقول: "ذلك جزاؤه" لولا أن الله تعالى وعد أن يغفر ما دون ذلك لمن يشاء أن يغفر أصلا، فلا يأخذ فاعله به.
وإذا كان كذلك، علمنا أنه إذا أخذه به لم يخلده النار لأنه لا قائل يقول: إن من القائلين من يعفو عنه، وإن لم يكن قدم توبة فلا يعاقب أصلا ومنهم من يخلد في النار.
فإن قيل: انفصلوا عمن قلت هذا عليكم، فنقول: قد ثبت بقوله تعالى: {ويغفر لمن دون ذلك لمن يشاء} لبعض أصحاب الكبائر، فيجريه مجرى الشك، لأنه قد حكم تائبا ما عدا الشرك، وإذا كان دونه كانت عقوبته دون عقوبته، فصح أن القلب الذي ادعوه، لا يتوجه لهم وبالله التوفيق.
فإن قيل: قالوا عقوبته دون عقوبة الشرك في الخفة والغلظ لا في طول المدة وقصرها.
قيل لهم: انفصلوا فيمن قال هو في الطول والقصر لا في الخفة والغلظ، وإذا لم يكن أحد هذين القولين أولى من الآخر ولم يكن بينهما تنافي وجب أ، يجمع بينهما فيقال: عقوبة بما دون الشرك دون عقوبة الشرك في الخفة وقصر المدة وبالله التوفيق.
وجواب آخر: وهو أن هذا تخصيص الآية بلا دليل، لأن قوله عز وجل: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فيه تخصيص كبيره من صغيره ولا دليل يوجب هذا التخصيص فوجب أن يضم هذا في الوعد إلى التوبة فيكون كأنه قال: {من تاب أو شاء الله أن يغفر له}.
فإن قيل: أفتقولون أن من أصحاب الكبائر من لا يشاء الله أن يغفر له فيخلده النار. قيل: يقول: إن منهم من لا يشاء الله أن يغفر له، ولا يقول: أن منهم من إذا لم يغفر له