خلده النار، لأن الله عز وجل قد أخبر: أن ما عدا الشرك فهو دون الشرك. وقد علمنا أن في عدله لا يسوى بين جزاء من خف ذنبه وجزاء من عظم ذنبه، كما لا يسوي بين المحسن والمسيء، فدل ذلك على أن جزاء المشرك إذا كان التخليد كان جزاء من قصر دينه عن ذنبه مقاما دون ذلك والله أعلم.
وجواب آخر: عن كلامهم في أنه المغفرة، وهو أن يقول: إن كان لا يستثني من الوعيد إلا التائب، فما بال الصغائر تصير مكفرة مغفورة لا حساب الكبائر؟ لم لا جاز أن يغفر الكبائر لاجتناب الكفر؟
فإن قيل: صاحب الصغائر أصلا وصاحب الكبيرة إذا وافى القيامة بلا كفر واخاها، وكبرته مستحقا لأن يعذب عليها. فكيف يستويان؟
قيل له: إن مغفرة الصغائر لمجتنب الكبائر بفضل من الله جل جلاله عليه، ومن تفضل الله عليه بشيء لم يجب أن يتفضل، فدل ذلك على أن الله تعالى إذا كان يتفضل على مجتنب الكبائر بالصفح عن صغائره جاز، ولم يمتنع أن يتفضل على مجتنب الكبائر بالعفو عن كبائره، وإن كان ذك غير واجب والله أعلم.
وإن أصبحوا بصحة جمعهم بين الآيتين بقول الله عز وجل: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا، إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا}، وقالوا: لما وعد الجنة من باب علمنا إن المصر لا حظ له في الجنة.
وقيل: ومعناه إلا من تاب أو شاء الله تعالى أن يجعل أخذ ما تيسير باجتنابه الكفر غفران خطاياه، ووضعها عنه، أو يشفع النبي صلى الله عليه وسلم أو كثرت نوافله وخيراته. فأراد الله تعالى أن ينبه منها العفو من كبائره فإن كان مما دلت الدلائل على جواز أن تقابله مغفرة الكبائر من هذه الوجوه يصير كالمقرون بالتوبة نصا، إلا أن يرى الدليل لما دل على أن اجتناب الكبائر يجوز أن يكون سببا لمغفرة الصغائر.
كأن اجتناب الكبائر من يرتكب الصغائر كالتوبة من مرتكب الكبائر.
وكذلك الوجوه التي ذكرتها هي لمرتب الكبائر كالتوبة، ولا فضل وإن احتجوا بقول الله عز وجل: {فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى،