وظهور الآية العجيبة في هزيمة الفرس، ورستم الجبار معهم في ألوفٍ كثيرة على غاية الحشد والقوة، بين يدى أصحاب سعد بن أبى وقاص، وهم في فئةٍ يسيرة على حالٍ من الضعف، ومنام كسرى أنو شروان وانكسار الروم، وهلاك عساكرهم على يدى أبى عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد، رحمة الله عليهما.
ثم سياسة أبي بكر وعمر، رضى الله عنهما، وعَدْلهما وزهدهما.
ومع ذلك فإنى كنت لكثرة شغفي بأخبار الوزراء والكتاب، قد اكتسبت،
بكثرة مطالعتى لحكاياتهم وأخبارهم وكلامهم، قوةً في البلاغة، ومعرفة بالفصاحة، وكان لي من ذلك طبع يحمده الفصحاء، ويعجب به البلغاء.
قد يعلم ذلك منى من تأمل كلامى في بعض الكتب التي ألفتها في أحد
الفنون العلمية، فشاهدت المعجزة التي لا تباريها الفصاحة الآدمية في القرآن، فعلمت صحة إعجازه.
ثم إنى لما هَذَّبَتْ خاطرى العلوم الرياضية، ولا سيما الهندسة وبراهينها،
راجعت نفسى في اختلاف الناس في الأديان والمذاهب.
وكان أكبر المحركات لي إلى البحث عن ذلك مطالعتى كتاب برزويه الطبيب
من كتاب "كليلة ودمنة"، وما وجدت فيه، فعلمت أن العقل حاكم يجب تحكيمه على كليات أمور عالمنا هذا، إذ لولا العقل. أرشدنا إلى اتباع الأنبياء والرسل، وتصديق المشايخ والسلف، لما صدقناهم في سائر ما نقلنا عنهم.