٤ - التنافس العلمي في عصر ابن خالويه يفرض عليه أن يؤلف كتاب الحجة في القراءات، فقد كان ابن خالويه منافسا للفارسي وابن جني، فلما ألف الفارسي الحجّة ألف ابن خالويه الحجة، ولما ألف ابن جني المحتسب في القراءات الشاذة ألف ابن خالويه كتابه في شواذ القراءات.
وطبيعة هذا العصر تقتضي هذا التنافس العلمي في التأليف وفي موضوع بعينه في كثير من الأحيان.
والدليل على ذلك أن أبا بكر محمد بن الحسن بن مقسم ألف كتاب السبعة بعللها الكبير- وكتاب السبعة الأوسط- وكتاب السبعة الأصغر، كذلك ألف محمد بن الحسن الأنصاري في نفس الموضوع حيث ألف كتاب السبعة بعللها الكبير، وكتاب السبعة الأوسط، وكتاب السعة الأصغر «١».
وإذا كان الفارسي يقدّم كتاب الحجة لعضد الدولة حيث يقول في المقدمة: أما بعد- أطال الله بقاء مولانا الملك السيد الأجلّ المنصور، ولى النعم عضد الدولة، وتاج الملّة،
إلى أن يقول: فإن هذا كتاب تذكر فيه وجوه قراءات القراء الذين ثبتت قراءاتهم في كتاب أبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد ... «٢».
أقول: إذا كان الفارسي يقدم كتابه الحجة لعضد الدولة فابن خالويه يقدّم له أيضا كتابا مجدولا في القراءات. «٣»
٥ - ومن أوضح أدلّة التوثيق لهذا الكتاب، ونسبته إلى ابن خالويه تشابه أسلوبه ومنهجه مع مؤلفات ابن خالويه الأخرى، ويتمثل هذا التشابه في عدة ظواهر قلما تتخلف أجملها فيما يأتي:
أ- الإيجاز والاختصار فهو في مقدّمة الحجة يقول: «وأنا بعون الله ذاكر في كتابي هذا ما احتج به أهل صناعة النحو لهم في معاني اختلافهم، وتارك ذكر اجتماعهم وائتلافهم ... إلى أن يقول: «جامعا ذلك بلفظ بين جزل، ومقال واضح سهل، ليقرب على مريده، وليسهل على مستفيده «٤».
(١) الفهرست: ٣٢، ٣٣.
(٢) الحجة لأبي علي الفارسي: ص: ٣ نسخة مصوّرة رقم ٤٦٢ - قراءات دار الكتب.
(٣) غاية النهاية: ١ - ٢٣٧.
(٤) الحجة: ١.