فأمَّا تعلقهم بقوله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) .
وقالوا وأنتم تقولون إنه كله مبارك وشفاء، فالجواب إن "مِن" ها هنا صلة
قكأنه قاله ويُنزل القرآن شفاء،. فأَدخلَ مِن زائدة وهو كقوله: (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) ، وقولُهم: فلان في صحَّةٍ من عَقْله، يعنون في صحة
عقله، وقولهم: عيِّن من هذا الثوبِ قميصا ومن الفضة خاتما، يعنون
جميعا دون البعض وكقولهم: خاتم من حديد، وثوب من خز، وأدخلوا من
رائدةَ في الكلام.
فأمَّا تعلقهم بقوله تعالى: (لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) .
وقولهم: كيف يكون من رَحِمه عاصما من أمر الله، فالجواب عنه: لا
معصومَ عن أمرِ الله إلا من رَحِم فأقام عاصم مقامَ معصوم، وقد يمكن أيضا أن يكون أراد لا عاصمَ اليومَ من أمْر اللهِ إلا من رَحِم بأن جَعل له شفاعةَ ودُعاءً مقبولاَ، في دَفْع العذاب فيكون بدعائه ورغبته عاصما من أمر الله وعذابه.
فأمَّا تعلقهم بقوله تعالى: (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) ، فإه نقيضُ قوله: (خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) ، فكيف ينظرُ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ من يكون بَصرُه حديدا؟
فالجواب عنه: أنه أرادَ - وهو أعلم - فبَصَرُك اليومَ حيديد علمك بعلمك وتيقنك وذكرك له بعد أَنَّ كنت فيه شاكا أو جاحداً.
وقولُه: (خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) يعني به
الذلةَ والخوفَ والعستكانةَ والاستسلامَ لعذابِ الله، ولا تناقض في ذلك
بحمد الله ومنِّه.
واعترضوا أيضا قوله تعالى (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) ، وقوله (يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ) .
قالوا والمجيء والإتيان حركة وزوال وذلك عندهم محال في صفته، فالجواب عن ذلك عند بعض