(أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) يريد إلزامي لكم صفات المربوبين، وقوله: بلى، أي لم يمتنعوا من أمارات الحدث، ولم يستطيعوا الانفكاك منها فأقامَ لزومَها لهم مقامَ قولهم لم يطيقو وصدَّقوا بلى.
وقولُه: (وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ) معناه ما أوجده في أنفسهم وأراهم إياه بعد النسيان والقوة من، تغير الحالات والزيادة والنقصان
والكبرِ والهرمِ بعدَ الشبابِ والقوّةِ من الخبر إلى غير ذلك.
يقال لهم: كل هذا الذي قلتموه إن ساغَ استعماله في اللغة فإنّه مجازٌ
واتساع وليسَ بحقيقةٍ ولا وجهَ للعدولِ بالكلامِ عن ظاهرِه في إخباره عن
قوله لهم وجوابُهم ببلى بغير حجة ِ ولا دليلِ بل الواجبُ التمسُّكُ بظاهر
الكلام، فإن قيل: الذي يدلُّ على ذلك استحالةُ نطقِ الذرِّ وعلْمُه فقد بيّنَّا
فساد ذلك بما يُغني عن ردِّه، فدعواهم لذلك باطل.
فإن قالوا: فقد قال من بنى آدمَ وأنتم تقولون من آدَم، يقالُ لهم: الخبرُ
الثابتُ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه: استخرجها من آدمَ - فيجب إثباته، وذلك لا يُنافي قولَه من بني آدم، لأنه استخرجها من آدم عليه السلام كما ورد به الخبر، ثم استخرج بعضهم من بعض، فاستخرج من المستخرج ذريةً، ومن الذرية ذريةً أخرى إلى آخرهم،، وأحصاهم وعدَّهم عدًّا، وإذا كان ذلك كذلك ثبتَ الاستخراجُ من صلب آدمَ بالخبر والاستخراج من الذرية المستخرجة عنه بالقرآن،، وإذا كان ذلك كذلك بطل ما قالته القدريّة وما تعلقت به الملحدة وبالله. التوفيق
قالوا: ومما لا معنى له أيضا قوله تعالى: (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) .
قالوا: فأيُّ فائدةِ في تمثييل الكافر بالكلب في هذأ المعنى، وليس الأمرُ على ما توهموه لأجل أنْ