قال ابن عطية: ظاهر الآية أن الكيل والوزن على البائع، وليس ذلك بالجليّ.
قال: وصدر الآية في المشترين، فهم الذين يستوفون، أي يشاحّون ويطلبون
الزيادة.
وقوله: إذا كالوهم أو وزنوهم في البائعين فهم الذين يخسرون المشتري.
(كمِشْكَاةٍ فيها مِصْبَاح) : المشكاة هي الكُوَّة غير النافذة
تكون في الحائط، ويكون المصباح فيها شديد الإضاءة وقيل: المشكاة الذي يكون المصباح على رأسه، والأول أصح وأشهر.
والمعنى صفة نور الله في وضوحه
كصفَةِ مِشْكاةٍ فيها مصباح على أعظم ما يتصوره البشر من الإضاءة، وإنما شبهه بالمشكاة وإن كان نور الله أعظم، لأن ذلك غايةُ ما يدركه الناس من الأنوار، فضرب المثل لهم بما يوصل إلى إدراكه.
وقيل الضمير في نوره عائد على محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وقيل على القرآن. وقيل على المؤمنين.
وهذه الأقوال كلها ضعيفة، لأنه لم يتقدم ما يعود عليه الضمير.
فإن قيل: كيف يصحّ أنْ يقال: (الله نور السماوات والأرض) ، فأخبر أنه هو النور، ثم أضاف النور إليه في قوله: (مَثَل نوره) ، والمضاف غير المضاف إليه؟
فالجواب أن ذلك يصح مع التأويل الذي قدّمناه، أي الله ذو نور السماوات
والأرض، أو كما تقول زيد كريم، ثم تقول: يعيش الناس بكرمه.
(كادح) : الكدح في اللغة هو الجِدّ والاجتهاد والسرعة.
فالمعنى أنك في غاية الاجتهاد في السيبر إلى ربك، لأن الزمان يطير وأنت في كل لحظة تقطع خطا من عمرك القصير، فكأنك سائر مسرع إلى الموت ثم تلاَقِي رَبَّك.
فانظر فيما تصرف عمْرَك، فإن أنفقته فيما فيه رضاه رضي عنك، وإن
كان في غيره غضب عليك، ولا يقوم لغضبه شيء.
وقيل: المعنى أنك ذو جد فيما تعمل من خير أو شر، ثم تلْقى ربك فيجازيك به.
والأول أظهر، لأن (كادح) تعدّى بإلى لما تضمَّن من معنى السير.
ولو كان بمعنى العمل لقال لربك.
(كنود) : كَفور للنعمة.
والتقدير إن الإنسان لنعمة ربه