استعملوا (ساء) في الذم استعمال (بئس) في عدم التصرف، والاقتصار على كون الفاعل معرفًا بالألف واللام، أو مضافًا إلى المعرف بهما، أو مضمرًا مفسرًا بتمييز بعده، والمجيء بعد الفاعل بالمخصوص بالذم، فيقال: ساء الرجل زيد وساء غلام الرجل عمرو، وساء غلامًا عبد هندٍ، كما قال الله تعالى: ٠ بئس الشراب وساءت مرتفقًا) الكهف /٢٩ وقال الله تعالى: (ساء ما يحكمون) الأنعام /١٣٦. فهذا على حد قوله تعالى: (بئس ما شروا به أنفسهم) البقرة /١٠٢.
قوله:
....... واجعل فعلا ... من ذي ثلاثةٍ كنعم مسجلا
أي: بلا قيد، يقال: أسجلت الشيء، إذا أمكنت من الانتفاع به مطلقًا.
والمراد بهذه العبارة التنبيه على أن العرب تبني من كل فعل ثلاثي فعلا على (فعل) لقصد المدح أو الذم، وتجريه في الاستعمال، وعدم التصرف مجرى (نعم) كقولك: ١٨٥ // علم الرجل زيد، وقضو صاحب القوم عمرو، ورمو غلامًا بكر، وقال الله تعالى: (كبرت كلمة تخرج من أفواههم) الكهف /٥.
المعنى والله أعلم: بئس كلمة تخرج من أفواههم قولهم اتخذ الله ولدًا.
٤٩٣ - ومثل نعم حبذا الفاعل ذا ... وإن ترد ذما فقل لا حبذا
يقال في المدح: حبذا زيد، كما يقال: نعم الرجل زيد، فإذا أريد الذم قيل (لا حبذا). قال الشاعر: من الطويل
٤٣٩ - ألا حبذا أهل الملا غير أنه ... إذا ذكرت مي فلا حبذا هيا
وقوله:
................. الفاعل ذا ... .............
تعريض بالرد على جماعة من النحويين، فإنهم يرون أن (حب) في هذا الباب غير مستقلة بالإسناد، بل هي مركبة مع (ذا) مجعولة معها شيئًا واحدًا. ثم من هؤلاء من يجعل المخصوص بعدها خبرًا، على أن (حبذا) مبتدأ، ومنهم من يجعله فاعلا، على أنها فعل. وكلا القولين تكلف، وإخراج اللفظ عن أصله بلا دليل.