سورة التوبة ٩: ١٥
{وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}:
{وَيُذْهِبْ غَيْظَ}: الغم والهيجان الّذي أصاب قلوب المؤمنين أمثال: خزاعة وغيرهم من أفعال المشركين من قريش، وبني بكر من الظّلم، والإيذاء، والغدر بخزاعة.
والغيظ: هو غضب كامن في نفس العاجز عن الثأر، والانتقام، أو التشفي، وهو نوع من الغم، أو مرحلة من مراحل الغضب، وهو أشد من الغضب، وقيل: مراحل الغضب هي: السخط، ثم الغضب، ثم الغيظ، ثم الحرد، ثم الحنق، ثم الاختلاط.
{وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}: هذا إخبار من الله بأن بعض أهل مكة سيتوبون من بعد كفرهم، وقد كان ذلك حين أسلم بعض منهم، وحسن إسلامهم؛ مثل: أبي سفيان، وعكرمة… وغيرهم.
{وَاللَّهُ عَلِيمٌ}: بنيات كل فرد، وما يقولون، وما يفعلون، وما يدبرون، وما كان، وما سيكون من توبة بعض المشركين.
{حَكِيمٌ}: الحاكم، وذو الحكمة: وهي تدبير أمر خلقه، وكونه بحكمته.
حكيم: مشتقة من الحكمة؛ فهو أحكم الحكماء، وحكيم: مشتقة من الحكم؛ فهو أحكم الحاكمين.
لنقارن الآيتين (١٥، و٢٧) من سورة التّوبة.
الآية (١٥) من التّوبة، يقول تعالى: {وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.
جاءت في سياق كفار مكة، وما فعلوه برسول الله من التّضييق، والعمل على إخراجه من مكة، فأمر الله بقتالهم، وخزيهم، ثمّ يتوب الله على من يشاء؛ أيْ: من أسلم منهم بعد ما فعل ما فعل من العدوان، والصّد عن سبيل الله؛ فقال: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}؛ عليم: بما جرى، وحكيم: فيما يقدر.
أما الآية (٢٧) من التّوبة: {ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: فجاءت في سياق ما جرى يوم حنين من تولِّي المسلمين، والهزيمة في بداية معركة حنين؛ حيث أعجبتهم كثرتهم، وفاجأهم العدو رغم أنهم كانوا (١٢) ألفاً، والعدو (٤) آلاف؛ فهؤلاء فروا، ثمّ عادوا، وقاتلوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما وقع منهم من خطأ فالله غفره لهم، ولذلك قال: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.