سورة التوبة ٩: ٩٥
{سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}:
{سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ}: السّين: للاستقبال القريب، وتدل على أنّهم لم يحلفوا بعد، وسيحلفون بعد انقلابكم إليهم؛ أيْ: بعد عودتكم إليهم؛ أيْ: رجوعكم إلى المدينة من تبوك.
{انقَلَبْتُمْ}: من الانقلاب: وهو الرّجوع لا إلى ما كان عليه من قبل، ولكن لحالة مختلفة لا تشابه الحالة الأولى؛ أيْ: ما قبل الحدث. أما الرّجوع؛ يعني: الرّجوع إلى الحالة الأولى الّتي كان عليها قبل الحدث؛ أيْ: نفسها؛ مثال: انقلب الطّين خزفاً؛ رجع الطّين طيناً.
{لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ}: اللام: لام التّعليل، تعرضوا عنهم؛ أيْ: لتتركوهم، ولا تعاتبوهم، ولا تؤنِّبوهم، أو توبخوهم على ما فعلوا.
{فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ}: الفاء: للترتيب، والمباشرة؛ فأعرضوا عنهم؛ أي: استجيبوا لما طلبوه، وأعرضوا عنهم.
{إِنَّهُمْ رِجْسٌ}: تعليل لترك معاتبتهم، وتوبيخهم. إن: للتوكيد.
{رِجْسٌ}: أيْ: هم القذارة، والنّجاسة عينها، والخبث، والرّجس قد يعني: الكفر، والشّرك، ويعني هنا: النّجاسة المعنوية، أو هم نجس، كما قال سبحانه: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} نفس السورة آية (٢٨)، والرجس أعم وأوسع معنًى من الرجز، ولمعرفة الفرق بين الرجس والرجز ارجع إلى سورة البقرة آية (٥٩).
{وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ}: مصيرهم إلى جهنم في الآخرة. المأوى: مكان استقرارهم، وإقامتهم في الآخرة هي جهنم.
{جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}: جزاء بما كانوا يكسبون في الدّنيا من المعاصي، والآثام، وسمَّاه كسباً، وليس اكتساباً؛ لأنّهم داوموا على فعل النّفاق، والمعاصي؛ حتّى أصبحت مهنتهم، أو حرفتهم، واعتادوا عليها؛ فأصبح ارتكابها سهلاً، كما يحصل عند كسب الحسنات. ارجع إلى الآية (٢٨٦) من سورة البقرة؛ للبيان.