سورة النحل ١٦: ١٢٤
{إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}:
المناسبة: وأنتم كذلك اتبعوا ملة إبراهيم -عليه السلام- ، ولا تختلفوا كما اختلف اليهود في السّبت.
واختيار يوم الجمعة كان دليلاً على اتباع محمّد -صلى الله عليه وسلم-؛ ملة إبراهيم حنيفاً؛ لأنّ إبراهيم كان قد اختار يوم الجمعة في شرعه، بينما اليهود اختاروا يوم السّبت الّذي لم يكن من شرع إبراهيم.
فقد قال موسى لهم: تفرغوا لعبادة الله يوم الجمعة؛ فرفضوا ذلك، واختاروا يوم السّبت، فرجعوا إلى أحبارهم؛ فقال أحبارهم: اسمعوا لأمر نبيكم؛ فأبوا فذلك اختلافهم، كما روي عن ابن عباس.
{إِنَّمَا}: كافة مكفوفة؛ تفيد التّوكيد.
{جُعِلَ السَّبْتُ}: فرض تعظيم السّبت، والانشغال بالعبادة فيه، أو جعل وبال تركه حُجَّة على الّذين اختلفوا فيه.
{عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ}: على الّذين اختلفوا: أي: اليهود.
{فِيهِ}: قد تعود إلى اختيارهم يوم السّبت للتفرُّغ للعبادة بدلاً من الجمعة، أو تعود إلى إبراهيم.
الّذين اختلفوا فيه؛ أي: اليهود، والنّصارى، هل كان يهودياً أم نصرانياً، وإذا كان الاختلاف يرجع إلى السّبت؛ فقد كان اختلافهم بينهم، وبين نبيهم موسى -عليه السلام- ، وليس بين اليهود بعضهم مع بعض؛ لأنّ الكلّ اختار السّبت، أمّا موسى -عليه السلام- فقد اختار الجمعة؛ فخالفوه، واختاروا السّبت؛ فجعل السّبت حُجَّة على الّذين اختلفوا فيه.
وقد تعود إلى القرية الّتي كانت حاضرة البحر؛ إذ يعدون في السّبت بأن أحلوا الصيد منه، فاختلف أصحاب القرية، فانقسموا إلى ثلاث طوائف. ارجع إلى سورة الأعراف، الآيات (١٦٣-١٦٦).
{عَلَى}: تفيد العلو، والمشقة؛ أيْ: كان عاقبة اختيارهم للسبت ليس لمصلحتهم، وإنما عليهم.
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: ليحكم: إن واللام: تفيدان التّوكيد.
{لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ}: بين اليهود أنفسهم؛ بين أهل الملة الواحدة بالمجازاة على أعمالهم.
{فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}: أيْ: سيجازي هؤلاء الّذين خالفوا أمر نبيهم، ويجازي الّذين أحلُّوا حرمته، واصطيادهم يوم السّبت، والّذين عظموا حرمته.