سورة النحل ١٦: ١٢٦
{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}:
قال ابن عبّاس -رضي الله عنهما- ، وجمهور المفسرون: إنّ سورة النّحل سورة مكية؛ إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة بعد قتل العبّاس، وهي: (١٢٦، ١٢٧، ١٢٨) نهاية سورة النّحل.
وسبب النّزول: بعد انتهاء معركة أُحُدٍ: رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حمزة -رضي الله عنه- وقد مُثِّل به، فشق ذلك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتوعَّد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المشركين بالثّأر لحمزة؛ فنزلت هذه الآية.
المناسبة: بعد أن أمر الله تعالى نبيه محمّد -صلى الله عليه وسلم- بالدّعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة؛ يأمر الله كذلك نبيّه بالعدل، والمماثلة في القصاص، وبالصّبر على المصائب، والبلاء، أو التّسامي إلى درجة الصّفح، والعفو بدلاً من المقابلة، والمماثلة في القصاص؛ فقال: ولئن صبرتم لهو خير للصابرين.
{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ}: إن: شرطية؛ تفيد الافتراض، أو ندرة الحدوث، وكأنّ المعنى الأفضل ألا تعاقبوا، ولم يقل: وإذا، الّتي تفيد الحتمية، وكثرة الحدوث، والتّأكيد.
{فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ}: أي: للمقتصِّ حقُّ المماثلة؛ أيْ: يماثل الجاني.
{فَعَاقِبُوا}: الفاء: فاء السّببية، وقد ورد هذا المعنى في سورة البقرة، الآية (١٩٤): {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}.
{وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ}: ولئن: اللام: للتوكيد؛ إن: شرطية تفيد الاحتمال، والنّدرة.
{لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}: لهو: اللام: للتأكيد؛ أي: الصّبر خير من الانتقام، أو العقوبة، وفيه حثٌّ على الصّبر، والعفو لنيل الثّواب، والأجر.
{لِلصَّابِرِينَ}: اللام: لام الاختصاص؛ أيْ: صبركم خيرٌ لكم من معاقبتكم الجاني.