سورة طه ٢٠: ٧٢
{قَالُوا لَنْ نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِى فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِى هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}:
{قَالُوا لَنْ}: أي: السّحرة لفرعون. لن: لنفي المستقبل القريب، أو البعيد.
{نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ}: أي: لن نفضّلك على "ما": اسم موصول بمعنى: الّذي جاءنا من البينات (مثل العصا، واليد، والآيات الأخرى)، والإيثار: هو تفضيل شيء على شيء في مجال متساوٍ.
{وَالَّذِى فَطَرَنَا}: أي: لن نفضّلك على آيات ربنا، أو نفضّلك على الّذي فطرنا، وهو الله تعالى، أو تعني: لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات، والّذي فطرنا أي: نقسم بالّذي فطرنا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات، وكلا الاحتمالين وارد.
{فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}: أي: افعل ما أنت فاعل، أو نفّذ ما حكمت به علينا من الصّلب، والقطع، والتّعذيب.
وانتبه إلى قوله: ما جاءنا من البينات، وهل البينات جاءتهم، أم جاءت موسى، البينات جاءت موسى، أو عامة لهم ولغيرهم، ولكنهم شعروا بأنّهم أحق النّاس باتباعها، والعمل بها فاعتبروها لهم وحرصوا على تنفيذها.
{إِنَّمَا تَقْضِى هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}: إنما تفيد التّوكيد، والحصر (كافة مكفوفة).
{تَقْضِى هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}: أي: كلّ ما تستطيع هو أن تسلب منا هذه الحياة الدّنيا بالصلب، أو تعذيبنا، ولا سبيل لك علينا في الآخرة؛ أي: سلطانك علينا محصورٌ بالحياة الدّنيا فقط.
انظر إلى عظم ثبات وإيمان هؤلاء السّحرة، وعدم مبالاتهم بالتّهديد، والوعيد؛ رغبة واستجابة لله تعالى، ولم يحاول أحدٌ منهم أن يعتذر، أو يغير موقفه، ويخاف من عذاب فرعون وملئه.