سورة القصص ٢٨: ٧٦
{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِى الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}:
{إِنَّ}: للتوكيد.
{قَارُونَ}: قيل: هو ابن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب وموسى هو ابن عمران بن قاهث بن لاوي بن يعقوب.
{كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى}: قيل: هو ابن عم موسى كما ذكر ابن عباس وقتادة وجرير وكثير من أهل العلم، وقال قتادة ومقاتل والكلبي: كان قارون أقرأ بني إسرائيل للتوراة، ولذلك قال: إنما أوتيته على علم عندي؛ أي: استحقاقي لذلك، وقيل: علم الكيمياء؛ أيْ: من عشيرة موسى، من قوم موسى، أيْ: من بني إسرائيل، ولم يقل: من بني إسرائيل، واكتفى بالقول من قوم موسى، وهذا القول يعني أقرب بني إسرائيل إلى موسى، وكان من الغريب أن يكون جاحداً لنعم الله عليه وأن يكون مصيره أغرب من مصير فرعون، وقيل: إنّ فرعون أسند إليه الإمارة على بني إسرائيل.
{فَبَغَى عَلَيْهِمْ}: على بني إسرائيل، البغي: هو أخذ حق الغير بقهر وقوة وتعسف أو بغى عليهم بسبب ماله وتجبر وتكبر، أيْ: ظلم وتجاوز الحدِّ في الظّلم، وأصبح عدواً لموسى وأتباعه.
{وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ}: جمع كنز وهو المال المدَّخر. من الذهب والفضة والمال…
{مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِى الْقُوَّةِ}: ما إن: ما: اسم موصول بمعنى الّذي، إنَّ: للتوكيد.
مفاتحه: مفردها مَفْتح: أيْ: خزانة، ومفاتحه: الخزائن المليئة بالكنوز وليس مفاتحه تعني مفتاح؛ لأنّ مفتاح جمعها مفاتيح.
ومنهم من قال: مفتح لها معنيان: مفاتح خزائن، ومفتح ما يُفتح به الباب باب الخزائن.
{لَتَنُوءُ}: اللام للتوكيد، من ناء الشّيء ينوء: ثقل عليه.
{بِالْعُصْبَةِ}: الباء للإلصاق والمصاحبة، العصبة (١٠-٤٠ رجلاً) وقيل: من (٣-١٠) أفراد، والعصبة كلمة مشتقة من جماعة يتعصب بعضها لبعض لمبدأ من المبادئ ويُعين بعضهم بعضاً كأنّهم يدٌ واحدة.
{أُولِى الْقُوَّةِ}: أصحاب القوة، إذن خزائن لا يقدر على حملها العصبة حوالي (١٠ أفراد) من أولي القوة أو يثقل عليهم حملها أو حمل مفاتيحها للدلالة على كثرتها.
{إِذْ}: ظرف للزمن الماضي بمعنى حين.
{قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ}: قومه من بني إسرائيل من المؤمنين منهم وليس من الفراعنة، لا النّاهية تفرح بأموالك، والفرح نوعان فرح بحقٍّ وفرح من دون حقٍّ. والفرح المذموم هو البطر، والمرح وهو شدة الفرح.
{إِنَّ اللَّهَ}: إن للتوكيد.
{لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}: جمع فرح، من فرح: بطر، لا يحب البطرين. ارجع إلى سورة آل عمران آية (١٧٠) لبيان معنى الفرح وأنوعه، وارجع إلى الآية (٥٨) من نفس السّورة لبيان معنى البطر.