سورة آل عمران ٣: ٦١
{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}:
{فَمَنْ}: الفاء: عاطفة، من: شرطية.
{حَاجَّكَ}: من المحاجة: الحوار بالحجة؛ أي: كل طرف يأتي بما لديه من الحجج والبراهين التي تؤيد رأيه لمحاولة الوصول إلى الحق، والمحاجة تكون عادة بين حق وباطل، ولا يمكن أن تكون بين حق وحق، أو باطل وباطل.
{فِيهِ}: في شأن عيسى -عليه السلام- .
{مِنْ}: ابتدائية.
{مَا}: للتوكيد.
{جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}: عن طريق الوحي، ولم يؤمنوا (وفد نجران، أو غيرهم من الكافرين)، بما جاءك من العلم بأمر عيسى -عليه السلام- ، وأن عيسى ليس إلهاً، أو ابن إله، أو ثالث ثلاثة، وغيرها…
{فَقُلْ}: لهم يا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
{تَعَالَوْا}: هلمُّوا أقبلوا.
{نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ}؛ أي: كلا الفريقين يدعوا أعزة الأهل من الأبناء والنساء، وأنفسنا وأنفسكم.
ولماذا أعزة الأهل من الأبناء والنساء كان يكفي أنفسهم؟ لأن هؤلاء أهم الأقارب الذين يصعب أن يُضحي بهم أي إنسان، ويزرع في قلوبهم الخوف؛ لأنهم ظهرت عليهم علامات الاستكبار والغلو.
{ثُمَّ نَبْتَهِلْ}: من المباهلة: تختلف عن الدعاء؛ تعني: اجتماع فريقين من الناس يدعون على الظالم، أو الكاذب من بينهما أن تنزل عليه اللعنة، ويتضرعون ويبالغون في الدعاء (وتسمى الملاعنة)؛ لاستنزال اللعنة على الكاذب، مثل: يا رب أنزل لعنتك على الكاذب منا، أو التداعي باللعن، ويقال: بُهلة الله عليه؛ أي: لعنة الله عليه.
يقف كل طرف في موقف واحد، وكل طرف يدعو الله أن يلعن الطرف الآخر، فالله هو القوة الظاهرة التي تنهي الخلاف.
وقد دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفد نجران إلى المباهلة، فخافوا على أنفسهم، ولم يجرؤوا على المباهلة، ورفضوا المباهلة، ولو باهلوا لهلكوا جميعاً.