سورة القمر ٥٤: ٧
{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ}:
{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ}: جمع خاشع اسم فاعل من فعل خشع، والخشوع هو الانكسار والذّلة، ويظهر ذلك في عينيه, وصوته أو وجهه, وقلبه.
{خُشَّعًا}: على وزن فُعل يفيد التكثير والمبالغة والعدد الكبير، فحين يخرجون من الأحداث يخرجون خُشعاً أبصارهم، ثم من طول الموقف يوم الحساب تخف شدة الخشوع, وتصبح أبصارهم خاشعة, كما في قوله: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} القلم: ٤٣. ليس فيها مبالغة ولا تكثير كما كان سابقاً، فهناك فرق بين خُشعاً أبصارهم وخاشعة أبصارهم، والخضوع: يظهر أثره في البدن.
{يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ}: الأجداث جمع جدث وهو القبر، والقبر يسمَّى جدثاً، أو يتحول إلى جدث بعد أن يُبعث الميت من جديد، ويتحرك ليخرج من القبر، فهذه الحركة والانتفاض يحول القبر من قبر هادئ لا حركة فيه إلى قبر فيه حياة ونشاط للخروج منه، وحينئذ يسمَّى القبر جدثاً؛ أي: في مرحلة أو زمن الخروج.
{كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ}: يخرج الأموات، أيْ: يبعث الأموات من أجداثهم للذهاب إلى أرض المحشر.
كأنّهم جراد منتشر: أيْ: جماعات جماعات في الكثرة والانتشار، ويبلغ عدد سرب الجراد عشرات الملايين، وهكذا سيكون الناس يوم خروجهم من الأجداث جماعات جماعات عشرات الملايين والجراد يطير عاريًا إلا من غطاء على قرنه، وهكذا يكون الناس يوم القيامة حفاة عراة غُرلاً لا تغطيهم إلا جلودهم.
وبعد الوصول إلى أرض المحشر تحدث فوضى واختلاط وحيرة وتنقلب حالهم فيصبحون كالفراش المبثوث، كما قال تعالى: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} القارعة: ٤.