سورة المائدة ٥: ٧٧
{قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِى دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}:
{قُلْ}: يا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لهؤلاء أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
{لَا} الناهية.
{لَا تَغْلُوا فِى دِينِكُمْ}: الغلو: هو الإفراط، وتجاوز الحد، وهو نقيض التقصير، والغلو هنا يعني: نسب الألوهية إلى عيسى -عليه السلام- ، أو القول هو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، {لَا تَغْلُوا}: وتجعلوا عيسى إلهاً، أو ابن إله، أو ثالث ثلاثة.
{غَيْرَ الْحَقِّ}: غير: تفيد المغايرة، ذاتاً، أو صفةً، والحقّ: هو الشيء الثابت؛ الذي لا يتغير، أو يتبدل، أو يتعارض.
{وَلَا}: الواو: عاطفة، لا: الناهية، وتكرار لا: تفيد التوكيد، وفصل كلَّاً من الغلو واتباع الأهواء على حدة، أو كليهما معاً.
{وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا}: أهواء جمع هوى، وهو ما تميل إليه النفس بعيداً عن الحق، ومن دون أيِّ دليلٍ، أو برهانٍ؛ أيْ: آراء قوم، مبعثها الأهواء والشهوة، ومن دون دليل وبرهان. ارجع إلى سورة الأنعام، آية (١١٩)؛ لمزيد من البيان.
آراء قوم: هم رؤوس اليهود والنصارى (رؤوس الضلال)، أو أئمة النصارى، مثل: الأحبار، والرهبان، والقسّيسين.
{قَدْ ضَلُّوا}: قد: للتحقيق، والتوكيد؛ أيْ: هم أنفسهم قد ضلّوا منذ القديم.
{وَأَضَلُّوا كَثِيرًا}: وأضلّوا كثيراً من الخلق عن عبادة الله وحده، وعن طريق الحق.
{وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}: هم وأتباعهم ضلوا عن سواء السبيل: دِين الله، منهج الله، بالشرك، والسواء: هو الوسط.
والسبيل: هو الطريق الموصل إلى الغاية بأقصر زمن، أو مسافة، وبسهولة.
وأما الصراط: فهو أوسع وأسهل من السبيل، والموصل إلى الغاية بأقصر زمن ومسافة وبسهولة، وإذا وصف بالصراط المستقيم: فهو دِين الله؛ أي: الإسلام. الدِّين القيم, ولمقارنة هذه الآية مع الآية (١٧١) في سورة النساء, والاختلاف بين الآيتين؛ ارجع إلى سورة النساء الآية (١٧١).