ولا يجوز عند أبي العباس, وابن السراج, لأن الكلام إذا وقع في موقعه, لم يجز أن ينوى به غير موقعه.
والذي عندي في ذلك أن حذف الفاء أقوى, لتوجهه في مواضع قد جاء في الشعر الفصيح لا يصلح فيه التقديم.
والذي ذكره سيبويه يجوز, لأن الكلام يقتضيه في مثل قوله: والمرء ذئب عند الرشا إن يلقها, وتكون إجازته في الموضع الذي لم يتقدم ما يقتضيه توطئة لهذا الموقع, مع أنه إذا كان لابد من تغيير بحذف أن ينوى في الفعل التقديم, لتستقيم بينة الكلام كما لابد من أن ينوى حذف الفاء, ليستقيم الكلام, ولو استقام من غير حذف, ولا تقديم, لم يجز واحد منهما, فبازى قولهم: «ليس يجوز أن ينوى بالكلام الذي وقع موقعه غير موقعه».
ليس يجوز أيضًا أن ينوى بالكلام حذف حرف منه إذا كان تامًا, فإن قال: ليس بتام إذا احتاج إلى الحرف, قيل له: وليس في موقعه إذا اقتضى الرفع التقديم فيه, ولا هو جواب, وإن دل على معنى الجواب كما يدل: آتيك إن أتيتني.