ولا للمثبت لاختلاف العلماء في ذلك اختلافًا كبيرًا وواسعًا، وهو اختيار شيخ الإسلام وغيره من أهل العلم، وقد حكى الشوكاني إجماع الأمة على أنه لا يكفر. بخلاف ما لو نفى حرفًا مُجمعًا عليه.
٥ - ومن الأقوال التي لها وجاهتها وقوتها جمعًا بين الأقوال: إن البسملة في بعض القراءات -كقراءة ابن كثير- آية من القرآن، وفي بعض القراءات: ليست آية، ولا غرابة في هذا، وهو اختيار العلَّامة الشنقيطي، وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى قول طائفة من العلماء بهذا القول.
الجهر بالبسملة
أما عدم الجهر بقراءة البسملة فهو السنة، -يعني: في الصلاة-وهو القول والاختيار الموافق للأحاديث الثابتة الصحيحة، فالحق والصواب هو الإسرار وعدم الجهر بها؛ تأسيًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وعملًا بفعله وفعل خلفائه الثلاثة من بعده -رضي الله عنهم-، وذلك لِمَ ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان لا يجهر بالبسملة، وقد ثبت في ذلك أحاديث كُثر صحيحة منها: ما ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
ففي صحيح البخاري من حديث أنس -رضي الله عنه-: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين» (١)، وفي صحيح مسلم من حديث عن أنس -رضي الله عنه- أيضًا- قال: «صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}» (٢).
وكذلك هو قول أهل العلم قديمًا وحديثًا
قال الإمام ابن عبد البر -رحمه الله- (٣): «وكان إبراهيم النخعي -رحمه الله- ....................
(١) رواه البخاري (٧١٠).
(٢) رواه مسلم (٣٩٩).
(٣) الإمام العلَّامة، حافظ المغرب، شيخ الإسلام أبو عمر، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد=