١ - معناه على رجائكما وطمعكما، فالتوقع فيها راجع إلى جهة البشر (١) وعزاه القرطبي إلى سيبويه وأكابر النحاة (٢) وهو رأي الزجاج وغيره (٣)، ... وقال: " لعل في اللغة ترجٍ وطمع، تقول: لعلّي أصير إلى خير، فمعناه أرجو وأطمع أن أصير إلى خير، والله عز وجل خاطَب العباد بما يعقلون. والمعنى عند سيبويه فيه: اذهبا على رجائكما وطمعكما. والعلم من الله عز وجل قد أتى من وراء ما يكون. وقد علم عز وجل أنه لا يتذكر ولا يخشى، إلا أن الحجة إنما تجب عليه بالإبانة، وإقامتها عليه، والبرهان.
وإنما تبعث الرسل وهي لا تعلم الغيب ولا تدري أيقبل منها أم لا، وهم يرجون ويطمعون أن يقبل منهم، ومعنى (لعلَّ) متصور في أنفسهم، وعلى تصور ذلك تقوم الحجة، وليس علم الله بما سيكون تجب به الحجة على الآدميين، ولو كان كذلك لم يكن في الرسل فائدة " (٤).
قال أبو حيان: " والصحيح: أنها على بابها من الترجي، وذلك بالنسبة إلى البشر " (٥).
وقال بعضهم: معناها هنا الاستفهام (٦). فكأنهم وجهوا معنى الكلام إلى: ... {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا}، فانظر هل يتذكر أو يخشى (٧).
روي عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قوله: هل يتذكر أو يخشى (٨).
قال السمين الحلبي: " والثالث أنها استفهامية، أي هل يتذكر أو يخشى، وهذا قول ساقط وذلك أنه يستحيل الاستفهام في حق الله تعالى، عما يستحيل الترجي، فإذا كان لا بد من التأويل فجعل اللفظ على مدلوله باقياً أولى من إخراجه عنه " (٩).
٢ - وقال آخرون: معنى (لعل) ههنا: (كي) ونُسب إلى الفراء (١٠) ووجهوا معنى الكلام إلى {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} طه: ٤٣ فادعواه وعظاه ليتذكر أو يخشى كما يقول القائل: اعمل عملك لعلك تأخذ أجرك، بمعنى: لتأخذ أجرك (١١).
(١) ينظر: تفسير القرطبي ١١/ ١٨٢ وعزاه إلى سيبويه السمرقندي في تفسيره ٢/ ٤٠٠ وابن الجوزي في زاد المسيره ٥/ ٢٨٨ والشوكاني في فتح القدير ٣/ ٤٥٦
(٢) ينظر: تفسير القرطبي ١١/ ١٨٢.
(٣) كالزمخشري في الكشاف ٣/ ٦٥، والبيضاوي في تفسيره ينظر: تفسير متن حاشية شيخ زاده ٥/ ٦٢٠.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٥٧/ ٣٥٨.
(٥) البحر المحيط ٦/ ٢٣٠.
(٦) تفسير الطبري ١٦/ ١٩٧ وينظر: معاني القرآن للأخفش ص: ٢٥٠ وتفسير القرطبي ١١/ ١٨٢ وفتح القدير ٣/ ٤٥٦.
(٧) تفسير الطبري ١٦/ ١٩٧.
(٨) رواه عنه أبن جرير في تفسيره ١٦/ ١٩٧، وابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢٤٢٤.
(٩) الدر المصون ٥/ ٢٣.
(١٠) تفسير الطبري ١٦/ ١٩٨، وينظر تفسير القرطبي ١١/ ١٨٢ وأضواء البيان ٤/ ٤٤٨. والذي نسبه أبو حيان في البحر المحيط ٢/ ٢٣٠ و الحلبي في الدر المصون ٥/ ٢٣ ولم أجده في موضعه في معاني القرآن.
(١١) تفسير الطبري ١٦/ ١٩٨.