إن المتشابه لا يعلمه إلا الله، وعرفوا المتشابه بتعريفات منها:
١ - مالا يتضح معناه أو لا تظهر دلالته لا باعتبار نفسه ولا اعتبار غيره" (١).
٢ - ما لم يمكن لأحد إلى علمه سبيل ممَّا استأثر الله بعلمه دون خلقه.
قال بعضهم: وذلك مثل: وقت قيام الساعة، والحروف المقطعة في أوائل السور (٢).
وعدَّ أصحاب هذا القول الحروف المقطعة من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه وقالوا: نؤمن بها ونُمرُّها كما جاءت.
ويحكى هذا عن الخلفاء الأربعة ـ رضي الله عنهم وأرضاهم ـ وجماعة من أهل الحديث كالشعبي (٣) والثوري (٤) وصححه القرطبي (٥) واختاره أبو حيان (٦)
والشوكاني (٧) والآلوسي (٨) وأيده السيوطي ونسبه إلى أكثر الصحابة والتابعين (٩) وكما ترى هذا ما ذهب إليه الحسين بن الفضل البجلي.
ـ والفريق الثاني قالوا:
إنَّ المتشابه يعلمه العلماء والراسخون في العلم.
وعلى هذا القول يُعرف المتشابه بتعريفات، منها:
١ - قيل المتشابه: ما لا يستقل بنفسه إلا بردِّه إلى غيره، وقال النحاس عن هذا القول: هو أجمع هذه الأقوال (١٠).
(١) فتح القدير ١/ ٣٩٨.
(٢) ينظر: تفسير القرطبي ٤/ ١٣، وقال: هذا أحسن ما قيل في المتشابه.
(٣) الشعبي: عامر بن شراحيل الشعبي، أبو عمرو، حافظ فقيه فاضل، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، توفي بعد (١٠٠ هـ)، ينظر: السير (٤/ ٢٩٤)، التقريب (٣٠٩٢).
(٤) الثوري: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله الكوفي، حافظ فقيه عابد، إمام حجة، له: التفسير، الفرائض، وغيرهما، توفي سنة (١٦١ هـ). ينظر: التقريب (٢٤٤٥).
(٥) ينظر: المصدر السابق ١/ ٢٠٠.
(٦) أبو حيان: محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان، أثير الدين أبو حيان الأندلسي الغرناطي، اللغوي المفسر المقرئ الأديب، له عدة مؤلفات، منها: البحر المحيط، التذييل والتكميل في شرح التسهيل وغيرهما، توفي سنة (٧٤٥ هـ). ينظر الدرر الكامنة (٦/ ٥٨)، بغية الوعاة (١/ ٢٨٠).
(٧) ينظر: فتح القدير ١/ ٤٠١.
(٨) ينظر روح المعاني ١/ ١٠٠ و الألوسي هو محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي، شهاب الدين أبو الفضل البغدادي، مفسر محدث أديب، له عدة مؤلفات، منها: روح المعاني، الأجوبة العراقية، توفي سنة (١٢٧٠ هـ). ينظر: الأعلام (٧/ ١٧٦).
(٩) ينظر: الإتقان ٣/ ٤.
(١٠) ينظر: معاني القرآن للنحاس ١/ ٣٤٦، والنحاس هو أحمد بن محمد بن إسماعيل المصري، أبو جعفر النحوي، صاحب التصانيف، منها: معاني القرآن، إعراب القرآن، الناسخ والمنسوخ، توفي سنة (٣٣٨ هـ). ينظر: السير (١٥/ ٤٠١)، بغية الوعاة (١/ ٣٦٢).