٦ - هي فواتح يفتتح الله بها بعض سور القرآن:
رواه ابن جرير عن مجاهد (١) وقال أبوعبيدة: " معنى (آلم) افتتاح، مبتدأ الكلام، شعار للسورة " (٢).
٧ - وقيل: الحروف التي هي فواتح السورة حروف يستفتح الله بها كلامه (٣)، وقيل غير ذلك.
وبعد إيراد بعض هذه الأقوال في معانيها وقبل ترجيح ما هو مناسب، أود أن أبيِّن أن هذه المسألة من المسائل الكبار، التي وقع فيها الخلاف، وتباينت فيها الأقوال، واختلفت فيها المشارب، وبما أنه لم يرد نص صحيح ثابت عن الصادق المصدوق في بيان معنى هذه الأحرف، ولم تجُمْع الأمة على قول فيها، غاية ما هنالك أن بعض العلماء تلمَّسوا معناها على حسب ما ظهر لهم من النصوص ثم إنَّه لم يذكر واحد منهم قولاً في معناها على سبيل القطع والجزم، أذكرُ ما يلي:
١ - إن كان مراد الحسين ـ رحمه الله ـ بالمتشابه المتشابه الكليَّ الذي لا يعلمه إلا الله، فهذا يُعترض عليه بأن السلف قد تكلمَّوا فيها، ولو كانت من المتشابه الكليِّ لما تكلموا فيه، كما نصَّ على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية.
٢ - وإن كان مراده به المتشابه النِّسبيّ، وهو أن تكون من المتشابه بالنسبة له فهذا جائز، لكنه ليس متشابهاً عند غيره.
٣ - والأحرف المقطعة فيها وجهتان:
الأولى: تطلُّب معنى لهذه الأحرف.
الثاني: الحكمة من هذه الأحرف.
أما الوجهة الأولى: فيقال إنَّ من تطلّب لها معنى محدَّدًا، فقد خالف المعروف من لغة العرب في أن الحرف عندهم لا معنى له بمفرده، وإنما يتركب المعنى من عدد من الحروف عند ضمِّ بعضها إلى بعض فالفاء لا معنى لها، واللام لا معنى لها، والحاء لا معنى لها، فإذا تركَّب منها كلام كقولي: " فلح " كان لهذه الأحرف مجتمعةً معنى، لكن ليس على أنها حرف بل على أنها كلمة.
وعلى هذا يُحمل ما ورد عن ابن عباس وغيره، من أنَّ "الألف (الله) واللام (جبريل) والميم (محمد) " أي أنه يتركب من هذه الأحرف كلام، لا إنَّ معنى كلِّ حرف منها هذا الكلام دون غيره.
وكذا من ذهب إلى أنها استفتاح، أو تنبيه، أو اسمٌ للسُّورة، أو اسم للقرآن، فإنه لا يخرج عن هذا المذهب؛ لأنه لا يقول إنَّ لها معنىً محدداً هو كذا.
(١) تفسير الطبري ١/ ١٠٠ ورواه عنه ابن أبي حاتم ١/ ٢٩ ت: أحمد الزهراني وينظر: الدر المنثور ١/ ٥٧.
(٢) مجاز القرآن ١/ ٢٨.
(٣) ينظر فيما سبق من الأقوال السبعة: تفسير الطبري ١/ ١٠٠ - ١٠٤.