وصفة هذا التمتع: أن يهل الحاج بالعمرة في أشهر الحج من الميقات، وذلك إذا كان مسكنه خارجاً عن الحرم، ثم يأتي حتى يصل البيت، فيطوف لعمرته، ويسعى ويحلق في تلك الأشهر بعينها، ثم يحل بمكة، ثم ينشئ الحج في ذلك العام بعينه، وفي تلك الأشهر بعينها، من غير أن ينصرف إلى بلده.
- وهذا قول: الجمهور، وقد رجحه الإمام الطحاوي.
- ودليل هذا القول: قوله جل وعلا في الآية: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} البقرة:١٩٦. فثبت بذلك أن المتعة التي ذكرها الله في هذه الآية هي التي يفترق فيها من كان أهله بحضرة المسجد الحرام، ومن كان أهله بغير حضرة المسجد الحرام، وهي المتعة الواردة في حق من خلي سبيله، لأن الأمة قد أجمعت على أن من فاته الحج بالإحصار، أن حكمه في ذلك وحكم غيره سواء، وأن حاله لا يختلف سواء كان أهله بحضرة المسجد الحرام أو بغير حضرة المسجد الحرام.
- القول الثاني: أن الآية في المحصورين.
وصفة هذا التمتع: أن يحصر الحاج حتى تذهب أيام الحج، فيأتي البيت ويحل بعمرة، ثم يتمتع بحله إلى العام المقبل، ثم يحج ويهدي.
- وهذا قول: عبد الله بن الزبير - وابن مسعود - وإبراهيم النخعي - وسعيد بن جبير، وقد رجحه الإمام الطبري. (١)
- ودليل هذا القول: قوله جل وعلا في هذه الآية: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} البقرة:١٩٦: فثبت بذلك أن التمتع المذكور في هذه الآية هو تمتع المحصر، لأن الآية جاءت في مخاطبة المحصر دون غيره.
- القول الثالث: أن الآية في المحصر، وغيره ممن خلي سبيله.
- وهذا قول: ابن عباس - رضي الله عنه - وإليه ذهب: الإمام أبو جعفر النحاس - وأبو حيان الأندلسي.
(١) انظر: بداية المجتهد (١/ ٦٢٤) وتفسير ابن عطية (٢/ ١١٤) ومعاني القرآن للنحاس (١/ ١٢٣) وتفسير الطبري (٢/ ٢٥٥).