أنه كان لا يرى بأساً بإتيان النساء في أدبارهن، ويحتج في ذلك بقوله عز وجل: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (١٦٦)} الشعراء:١٦٥ - ١٦٦ أي: من أزواجكم مثل ذلك، إن كنتم تشتهون ٠
قيل لهم: ومن يوافق محمد بن كعب على هذا التأويل؟
قد قال مخالفوه: (وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم مما قد أحل لكم من جماعهن في فروجهن).
وهذا التأويل - عندنا- أولى من التأويل الأول، لموافقته لما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما قد ذكرنا.
(شرح معاني الآثار- ٣/ ٤٠ - ٤٦).
الدراسة
بين الإمام الطحاوي الخلاف الوارد في المراد بقوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} البقرة:٢٢٣. والمبني على الآثار الواردة في سبب نزول هذه الآية. مرجحاً أن المراد بها إباحة إتيان المرأة على أي صفة كانت، ولكن في الموضع الذي يكون منه النسل دون غيره.
وإليك بيان الأقوال الواردة في المراد بالآية:
القول الأول: أن المراد بقوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} البقرة:٢٢٣. أي: كيف شئتم مقبلة أو مدبرة، وعلى كل حال، إذا كان الإتيان في الفرج دون غيره.
- وهذا قول: جمهور علماء الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين (١).
- ومن أدلة هذا القول:
١ - أن قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} البقرة:٢٢٣ خص الإتيان بالموضع الذي يكون فيه الحرث والذي يكون منه الولد، وهو الفرج دون غيره (٢).
(١) تفسير ابن الجوزي (١/ ٢٢٦).
(٢) تفسير السمعاني (١/ ٢٢٦).