أ- لأن الله جل وعلا نقلهن عند عدم الحيض إلى الاعتداد بالأشهر، فأقام الأشهر مقام الحيض دون الأطهار، فدل على أن الأصل هو الحيض.
ب- ولأن الأشهر لما شرعت بدلاً عن الأقراء، والبدل يعتبر بتمامه - حيث أن الأشهر لا بد من إتمامها - وجب أيضاً أن يكون الإتمام والكمال معتبراً في المبدل، فيجب أن يكون المبدل هو الحيض، لأنه هو الذي يكمل دون الطهر الذي لا يكمل. (١)
ج- ولأن اسم المقرء غير منتف عن الحيض بحال، وقد ينتفي عن الطهر، لأن الطهر موجود في الآيسة والصغيرة، ومع ذلك فلم تُعتبرا من ذوات الأقراء. فدل ذلك على أن اسم القرء مجاز في الطهر، حقيقة في الحيض. (٢)
٤ - قوله تعالى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} الطلاق:١، فدلت الآية على أن العدة التي يطلق لها النساء مستقبلة بعد الطلاق، والمستقبل بعد الطلاق إنما هو الحيض.
فإن الطاهر لا تستقبل الطهر إذ هي فيه، وإنما تستقبل الحيض بعد طهرها الذي طلقت فيه (٣)
٥ - ما روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "طلاق الأمة ثنتان، وقرؤها حيضتان". (٤) وهذا الحديث وإن كان مورده من طريق الآحاد، فقد أتفق أهل العلم على قبوله، والأخذ به في عدة الأمة فأوجب ذلك صحته.
(١) انظر: تفسير القرطبي (٣/ ١٢٠) - وتفسير الرازي (٦/ ٩٠).
(٢) أحكام القرآن للجصاص (١/ ٣٦٦).
(٣) زاد المعاد (٥/ ٢٢٥).
(٤) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب الطلاق - باب في سنة طلاق العبد (حـ ٢١٨٩ - ٢/ ٦٣٩) وقال هو حديث مجهول. أهـ.
والترمذي في سننه - كتاب الطلاق - باب ما جاء أن طلاق الأمة تطليقتان. (حـ-١١٨٤ - ٥/ ١٥٢) وقال: حديث عائشة حديث غريب لا
نعرفه مرفوعاً إلا من حديث مظاهر بن أسلم، والعمل على هذا عند أهل العلم. أ. هـ.