فإذا جاز تخصيص المتقين والمحسنين بالذكر في المندوب إليه من المتعة وهم وغيرهم سواء، فكذلك جائز تخصيص المتقين والمحسنين بالذكر في الإيجاب، ويكونون هم وغيرهم فيه سواء.
٢ - أن الله جل وعلا إنما ذكر المحسنين والمتقين في الأمر بالمتعة: تأكيداً لوجوبها، وليس في تخصيصهم بالذكر نفياً لإيجابها على غيرهم. كما قال جل وعلا: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} البقرة:٢ فذكر أن هذا القرآن هدى للمتقين، مع كونه هدى لكافة الناس. ولم يكن في ذلك ما يوجب أن لا يكون هدى لغير المتقين.
٣ - أنه على فرضية صحة هذا القول وأن الأمر للندب لكونه خصه بالمحسنين والمتقين، فإن قوله جل وعلا: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} الأحزاب:٤٩ دال على أن ذلك عام في الجميع بالاتفاق، فوجب حمل الآيتين المتقدمتين على ذلك، والقول بوجوب متعة المطلقة.
- القول الثاني: أن المتعة للمطلقة واجبة.
- وهذا قول: جمهور العلماء.
- ومن أدلة هذا القول:
١ - أن الله جل وعلا قال: {ومتعوهن} وقال: {فَمَتِّعُوهُنَّ} فهذا أمر من الله جل وعلا، والأمر يقتضي الوجوب حتى يقوم الدليل على خلافه.
٢ - أن الله جل وعلا قال: {مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} البقرة:٢٣٦ وقال: {مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} البقرة:٢٤١ وليس في ألفاظ الإيجاب آكد من قولك (حقاً عليك). فـ (حقاً عليك) بمعنى (واجب عليك).
٣ - أن الله جل وعلا قال: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} وقال:: {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} وفي هذا التخصيص تأكيد لإيجاب المتعة، إذ جعلها من شرط الإحسان والتقوى، والإحسان والتقوى مطلب واجب على كل مؤمن، إذ أن الله جل وعلا قد أمر جميع عباده بأن يكونوا من المحسنين ومن المتقين، وما وجب من حق على المحسنين والمتقين فعلى غيرهم أوجب ولهم ألزم.